التصدية) : التصفيق، وقد اختلف في أصله، فقيل : هو من الصدى وهو ما يسمع من رجع الصوت في الأمكنة الصلبة الخالية، يقال منه : صدّى يصدّي تصدية، والمراد بها هنا ما يسمع من صوت التصفيق بإحدى اليدين على الأخرى. وقيل : هو مأخوذ من التصدد، وهو الضجيج والصياح والتصفيق، فأبدلت إحدى الدالين ياء تخفيفا.
و قيل هو من الصدّ أي المنع، والأصل تصددة بدالين أيضا، فأبدلت ثانيتهما ياء.
و قال ابن يعيش :« فأما التصدية من قوله تعالى :« و ما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية » فالياء بدل من الدال، لأنه من صد يصد، وهو التصفيق والصوت، ومنه قوله تعالى :« إذا قومك منه يصدّون » أي : يضجّون ويعجّون، فحوّل إحدى الدالين ياء، هذا قول أبي عبيدة، وأنكر الرّستمي هذا القول، وقال : إنما هو من الصدى، وهو الصوت. والوجه الأول غير ممتنع لوقوع يصدون على الصوت أو ضرب منه، وإذا كان كذلك لم يمتنع أن يكون تصدية
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٥٧٣
منه، فتكون « تفعلة » كالتحة والتعلة، فلما قلبت الدال الثانية ياء امتنع الإدغام لاختلاف اللفظين ».
(ركمه) : يجمعه متراكما بعضه على بعضه. وفي المختار :
« ركم الشي ء إذا جمعه وألقى بعضه على بعض، وبابه نصر. وارتكم الشي ء وتراكم اجتمع، والركام بالضم الرمل المتراكم والسحاب ونحوه ».
الاعراب :
(وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) الواو استئنافية أو عاطفة، وما نافية، وكان واسمها، وعند البيت الظرف متعلق بمحذوف حال، وإلا أداة حصر، ومكاء خبر كان، وتصدية عطف على مكاء، والمعنى أنهم وضعوا المكاء والتصدية موضع الصلاة، وذلك أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة الرجال والنساء، وهم مشبكون بين أصابعهم، يصفرون فيها ويصفقون. وهذا أسلوب بليغ من أساليب العرب على حد قول الفرزدق :
و ما كنت أرجو أن يكون عطاؤه أداهم سودا أو محدرجة حمرا