ليس هكذا، إنما هي ورسوله، بضم اللام، فإن اللّه لا يبرأ من رسوله ثم أمر أن لا يقرأ القرآن إلا عالم بالعربية، ودعا بأبي الأسود الدؤلي فأمره أن يضع النحو. فمقتضى هذه الرواية أن هذا العلم لم يكن معروفا قبل أبي الأسود، وأن كلام الناس قبله إنما كان بمجرد الفطرة وهو المعهود.
هذا وقد اشتهر أن أبا الأسود الدؤلي هو أول من وضع علم النحو قالوا : انه سمع ابنته يوما تلحن فذهب الى علي بن أبي طالب، فقال له : فشا اللحن في أبنائنا وأخشى أن تضيع اللغة فقال له الامام :
اكتب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الكلام كلّه ثلاثة : اسم وفعل وحرف، فالاسم كذا والفعل كذا والحرف كذا، والأسماء ثلاثة : ظاهر ومضمر ومبهم، والفاعل مرفوع أبدا، والمفعول منصوب أبدا، والمضاف مجرور أبدا، فافهم وقس، وما عنّ لك من الزيادة فاضممه.
و لكن قال السيوطي في المزهر : إن العروض والنحو كانا قديمين وأتت عليهما الأيام فقلّا في أيدي الناس، فجدّدهما الخليل وأبو الأسود، واستدل على قدم العروض بما بسطه هناك، وعلى قدم النحو
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٥٥
بما منه : كتابة المصحف على الوجه الذي يعلله النحاة في ذوات الواو والياء والهمز والمدّ والقصر، فكتبوا ذوات الياء بالياء وذوات الواو بالألف.
و نحن نؤيد هذا الرأي الطريف للسيوطي.. مستدلين بما يلي :
١- تبيين علي بن أبي طالب لأبي الأسود جملا من القواعد الاصطلاحية السابقة، إذ كون ذلك ألهمه الإمام خاصة بعيد، ويبعده أيضا قوله لأبي الأسود : وما عنّ لك من الزيادة فاضممه إليه، أي مما كان كهذه الضوابط، فهذا صريح أو كالصريح في أن هذا العلم كان معروفا بينهم أو بين أفراد منهم لا مجرد صحة النطق سليقة.