و التحضيض هو الحث على الشي ء، ويقال حضضته على فعله إذا حثثته عليه، وإذا وليهنّ المستقبل كنّ تحضيضا وإذا وليهنّ الماضي كن لوما وتوبيخا فيما تركه المخاطب، وقد جرت مجرى حروف الشرط في اقتضائها الأفعال فلا يقع بعدها مبتدأ ولا غيره من الأسماء فإن وقع بعدها اسم، كان في نية التأخير نحو قولك : هلا زيدا ضربت والمراد هلا ضربت زيدا، أو على تقدير فعل محذوف نحو قولك لفاعل الإكرام :
هلا زيدا، أي هلا أكرمت زيدا قال الشاعر وهو جرير :
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم بني ضوطرى لو لا الكمي المقنعا
فأضمر فعلا نصب الكمي المقنعا والمعنى : إن هؤلاء بني ضوطرى والضوطرى الضخم الذي لا غناء عنده، يمشون بالإطعام والضيافة ويجعلون الكرم أكبر مجدهم، فالناصب للكمي هو الفعل المراد بعد لو لا وتقديره تلقون أو تبارزون أو نحو ذلك.
٢- يجزم الفعل المضارع إذا وقع جوابا لأمر أو نهي أو استفهام أو تمنّ أو عرض أو حض وذلك بأن مضمرة نحو قولك أكرمني أكرمك، ولا تفعل يكن خيرا لك، وألا تأتيني أحدثك، وأين بيتك أزرك، وألا ماء أشربه، وليته عندنا يحدثنا، قال الخليل : إن هذه الأوائل كلها فيها معنى « إن » فلذلك انجزم الجواب، وقال النحويون إنه لا يجوز أن تقول : لا تدن من الأسد يأكلك لأن التقدير إن لا تدن من الأسد يأكلك، وهذا محال لأن تباعده لا يكون سببا لأكله، وللنحاة هنا كلام طويل يرجع اليه في المطولات.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٦٦
٣- أفاض الشعراء في معنى قوله تعالى « و يذهب غيظ قلوبهم » لأن العرب قوم جبلوا على الحمية والأنفة. فرغبتهم في إدراك الثأر وقتل الأعداء هي اللائقة بطباعهم. وقد رمق سماء هذا المعنى أبو تمام فقال :
إن الأسود أسود الغاب همتها يوم الكريهة في المسلوب لا السلب
[سورة التوبة (٩) : الآيات ١٦ الى ١٧]