استفاضت السير في الروايات لهذه الوقعة ويؤخذ منها أن المسلمين كانوا اثني عشر ألفا الذين حضروا فتح مكة منضما إليهم ألفان من الطلقاء عند ما التقوا مع هوازن وثقيف فيمن ضامّهم من امداد سائر العرب فكانوا الجم الغفير، فلما التقوا قال رجل من المسلمين : لن نغلب اليوم من قلة فساءت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاقتتلوا اقتتالا شديدا، وأدركت المسلمين نشوة الإعجاب بالكثرة، وزل عنهم أن اللّه هو الناصر لا كثرة الجنود، فانهزموا حتى بلغ فلهم مكة وبقي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وحده وهو ثابت، في مركزه لا يتحلحل، ليس معه إلا عمه العباس آخذا بلجام دابته وأبو سفيان ابن الحارث ابن عمه، روى أبو جعفر بن جرير بسنده عن عبد الرحمن عن رجل كان في المشركين يوم حنين قال : لما التقينا نحن وأصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم حنين لم يقوموا لنا حلب شاة، فلما لقيناهم جعلنا نسوقهم في آثارهم حتى انتهينا الى صاحب البغلة
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٨٢
البيضاء فإذا هو رسول اللّه، قال فتلقّانا عنده رجال بيض الوجوه حسان فقالوا لنا : شاهت الوجوه ارجعوا فانهزمنا وركبنا أكتافنا.
و هناك روايات كثيرة تختلف في سردها وتتفق في معناها على أن ذلك الموقف كان شهادة صدق على تناهي شجاعة النبي ورباطة جأشه، وأن الرجال تكثر بالنصر وتقل بالخذلان.
٢- قال الصفاقسي : ظاهر كلام الزمخشري أولا منع عطف الزمان على المكان، ولم أر من نص عليه وفيه نظر، وأما وجوب إضمار الفعل فهو مبني على اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في متعلقات الفعل وهو ممنوع، وقد أشار الى منعه ابن الحاجب في مختصره في الأصول.


الصفحة التالية
Icon