الْجِزْيَةَ) سميت جزية لأنها طائفة مما على أهل الذمة أن يجزوه أي يقضوه أو لأنهم يجزون بها من منّ عليهم بالإعفاء من القتل، ومن غريب أمر الجيم والزاي أنهما إذا وقعتا فاء وعينا للكلمة دلتا على معنى الأخذ والشدة، فجزأت الشي ء تجزئة، وشي ء مجزأ أي مبعض، وذلك لا يتأتى إلا بالقوة والشدة، وبعير مجزى ء قوي سمين لأنه يجزى ء الراكب والحامل، وجزر لهم الجزّار نحر لهم جزورا وهم نحّارون للجزر، وأخذ الجازر جزارته وهي حقه وإياكم وهذه المجازر، ومنه الجزر والمدّ، والجزيرة والجزائر ويقال جزيرة العرب لأرضها ومحلتها لأن بحر فارس وبحر الحبش ودجلة والفرات قد أحدقت بها، وجزّ الشعر والزرع والنخيل، وهذا زمن الجزاز، ويقال : جزّوا ضأنهم وحلقوا معزهم، وجزع الوادي قطعة عرضا قال أبو تمام :
إليك جزعنا مغرب الملك كلما قطعنا ملا صلت عليك سباسبه
و هم بجزع الوادي وهو منعطفه، وتجزّع الشي ء : تقطّع وتفرق، قال الراعي :
و من فارس لم يحرم السيف خطّه إذا رمحه في الدارعين تجزّعا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٨٥
و منه الجزع الظفاري لأن لونه قد يجزّع الى بياض وسواد، قال امرؤ القيس :
كأن عيون الوحش حول خبائنا وأرحلنا الجزع الذي لم يثقّب
و جزف كذا اتباعه منه جزافا وبالجزاف، وجازفه في البيع مجازفة وجزافا، وحطب جزل قاس يابس. وأنشد ثعلب :
فويها لقدرك ويها لها إذا اختير في المحل جزل الحطب
و قال :
فأصبحت أنى تأتها تستجر بها تجد حطبا جزلا ونارا تأججا
و ضرب الصيد فجزله جزلتين أي قطعتين، ومن المجاز رجل جزل : ذو عقل ورأي وقد جزل وما أبين الجزالة فيه، وهو جزل العطاء، وإن فعلت كذا فلك الذكر الجميل والثواب الجزيل، وامرأة جزلة ذات أرداف، وجزمت ما بيني وبينه قطعته، وجزم اليمين قطعها البتة، وجزم على كذا عزم عليه، وتقول هذا حكم جزم وقضاء حتم.