و إنما هم محالّ لهذا الصرف، والمصلحة المتعلقة به، وكذلك العاملون إنما يصرف نصيبهم لأرباب ديونهم تخليصا لذممهم لا لهم وأما سبيل اللّه فواضح فيه ذلك، وأما ابن السبيل فكأنه كان مندرجا في سبيل اللّه وإنما أفرد بالذكر تنبيها على خصوصيته مع أنه مجرد من الحرفين جميعا وعطفه على المجرور باللام ممكن ولكنه على القريب منه أقرب، إذا تفرر هذا تبين لك ما تميز به الأئمة الأربعة من رهافة ذوق وإصابة حدس في استنباط الأصول الفقهية من مخالفة الحروف، ووجه آخر أشار اليه الزمخشري وذكره ابن الأثير في كتابه الممتع « المثل السائر » نلخصه فيما يلي :
إنما عدل عن اللام الى « في » في الثلاثة الأخيرة للإيذان بأنهم أرسخ في استحقاق التصديق عليهم ممن سبق ذكره باللام لأن « في » للوعاء، فنبه على أنهم أحقاء بأن توضع فيهم الصدقات كما يوضع الشي ء في الوعاء ويجعلوا مظنة لها، وذلك لما في فك الرقاب وفي الغرم من التخليص والانقاذ، وتكرير « في » في قوله « و في سبيل اللّه » دليل على ترجيحه على الرقاب وعلى الغارمين، وسياق الكلام أن يقال :
و في الرقاب والغارمين وسبيل اللّه وابن السبيل فلما جي ء ب « في » مرة ثانيه وفصل بها بين الغارمين وبين سبيل اللّه علم أن سبيل اللّه أوكد في استحقاق النفقة فيه وهذه لطائف ودقائق لا توجد إلا في هذا الكلام الشريف.
الفوائد :
و فيما يلي فصل ممتع كتبه عالم جليل من علماء الأزهر نثبته لأصالته في الصدقات والزكوات قال :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ١٢٠
« تدفع الزكاة لثمانية أصناف :
١- الفقير : وهو الذي لا مال ولا كسب لائق يقع موقعا من كفايته بأن ينقص عن نصف ما يحتاجه كمن يحتاج الى عشرة لا يملك ولا يكسب إلا درهمين أو ثلاثة.
٢- المسكين : من له مال أو كسب لا يكفيه كمن يحتاج الى عشرة دراهم وعنده سبعة.
٣- العاملين عليها : الساعين في تحصيلها كالكاتب لأموال الزكاة.