في قوله تعالى « هو أذن » مجاز مرسل كما يراد بالعين الرجل إذا كان ربيئة لأن العين هي المقصودة منه فصارت كأنه الشخص كله، وهو من إطلاق اسم الجزء على الكل للمبالغة والعلاقة تسمى الجزئية قال الشاعر :
كم بعثنا الجيش جرّا را وأرسلنا العيونا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ١٢٤
و في رد اللّه تعالى عليهم بقوله « قل أذن خير » إطماع لهم بالتسليم أولا ثم إيذان باليأس ثانيا ولا شي ء أبلغ من الرد عليهم بهذا الوجه يكر على طمعهم بعد الموافقة في الظاهر عليه بالحسم ويعقبه باليأس منه، ويسمى « القول بالموجب » والموجب بكسر الجيم لأن المراد به الصفة الموجبة للحكم فهو اسم فاعل من أوجب ويحتمل فتح الجيم إن أريد بالقول الحكم الذي أوجبته الصفة فيكون اسم مفعول والمعنيان صحيحان، وهو قسمان :
١- أن تقع صفة في كلام الآخر كناية عن شي ء أثبت له حكم فتثبت في كلامك تلك الصفة من غير تعرض لثبوت ذلك الحكم وانتفائه عنه كقوله تعالى :« يقولون لئن رجعنا الى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل وللّه العزة ولرسوله وللمؤمنين » فالأعز صفة وقعت في كلام المنافقين كناية عن فريقهم والأذل كناية عن المؤمنين وقد أثبتوا لفريقهم، المكنى عنه بالأعز، الإخراج فأثبت اللّه تعالى في الرد عليهم صفة العزة لغير فريقهم وهو اللّه ورسوله والمؤمنون ولم يتعرض لثبوت ذلك الحكم الذي هو الإخراج للموصوفين بالعز، أعني اللّه ورسوله والمؤمنين ولا لنفيه عنهم ومنه قول القبعثرى للحجاج لما توعده فقال :
لأحملنك على الأدهم يعني القيد فرأى القبعثرى أن الأدهم يصلح صفة للقيد والفرس فحمل كلامه على الفرس فقال مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب فقال الحجاج : إنه أي الأدهم حديد فقال القبعثرى : لأن يكون حديدا خير من أن يكون بليدا فحمل الحديد على خلاف مراده أيضا.
٢- حمل لفظ وقع في كلام الآخر على خلاف مراده بما يحتمله
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ١٢٥


الصفحة التالية
Icon