روى التاريخ أنهم قرروا فيما بينهم الفتك بالنبي صلى اللّه عليه وسلم ليلة العقبة عند عوده من تبوك، وهم بضعة عشر رجلا، وقد اجتمع رأيهم على أن يدفعوه عن راحلته ليقع في الوادي فيموت، فلما وصل الى العقبة نادى مناديه بأمره : إن رسول اللّه يريد أن يسلك العقبة فلا يسلكها أحد غيره، واسلكوا يا معشر الجيش بطن الوادي فإنه أسهل لكم وأوسع، فسلك الناس بطن الوادي، وسلك النبي صلى اللّه عليه وسلم العقبة، وكان ذلك في ليلة مظلمة، فجاء المنافقون وتلثموا وسلكوا العقبة، وكان النبي قد أمر عمار بن ياسر أن يأخذ بزمام ناقته ويقودها، وأمر حذيفة أن يسوقها من خلفها فبينما النبي يسير في العقبة إذ غشيه المنافقون، فنفرت ناقته حتى سقط بعض متاعه فصرخ بهم، فولوا مدبرين وعلموا أنه اطلع على مكرهم فانحطوا من العقبة مسرعين الى بطن الوادي، واختلطوا بالناس، فرجع حذيفة يضرب الناقة، فقال له النبي : هل عرفت أحدا منهم؟ قال : لا كانوا متلثمين، والليلة مظلمة، قال : هل علمت مرادهم؟ قال : لا، قال النبي : انهم مكروا وأرادوا أن يسيروا معي في العقبة فيزحمونني عنها وإن اللّه خبرني بهم وبمكرهم، فلما رجع جمعهم، وأخبرهم بما مكروا به فحلفوا باللّه ما قالوا ولا أرادوا. وهناك روايات أخرى لا تخرج عن هذا المعنى يرجع إليها في المطولات.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ١٣٨
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٧٥ الى ٨٠]


الصفحة التالية
Icon