منصوب بها وقلوبهم فاعل واللّه مبتدأ وعليم حكيم خبراه.
البلاغة :
اشتملت هذه الآيات على فنون من البلاغة ندرجها فيما يلي :
١- فن الترديد وهو أن يعلق المتكلم لفظة من الكلام بمعنى ثم يردها بعينها ويعلقها بمعنى آخر كقوله تعالى « و لكن أكثر الناس لا يعلمون، يعلمون ظاهرا من الحياة » فيعلمون الأولى منفية والثانية مثبتة ولكل من المعنيين مناسبة اقتضت ذلك المعنى وقوله الذي نحن بصدده « لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا » ففيه الاولى متعلقة بتقوم وفيه الثانية خبر مقدم ولكل منهما معنى.
و من أمثلة الترديد في الشعر بيت ورد في أبيات قالها سيف الدولة وذلك انه كانت له جارية من بنات الروم لا يرى الدنيا إلا بها ويشفق عليها من الريح الهابة فحسدتها سائر حظاياه على لطف محلها منه وأزمعن إيقاع مكروه بها من سم أو غيره وبلغ سيف الدولة ذلك فأمر بنقلها الى بعض الحصون احتياطا على روحها وقال في ذلك :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ١٧٦
راقبتني العيون فيك فأشفقت ولم أخل قط من إشفاق ورأيت العذول يحسدني فيك مجدّا يا أنفس الأعلاق
فتسنيت أن تكوني بعيدا والذي بيننا من الود باق
رب هجر يكون من خوف هجر وفراق يكون خوف فراق
٢- الاستعارة : في قوله تعالى « أ فمن أسس بنيانه على تقوى من اللّه » أي على قاعدة راسخة ثابتة وطيدة هي التقوى من اللّه فشبه التقوى والرضوان بقاعدة يعتمد عليها البناء تشبيها مضمرا في النفس، وأسس بنيانه تخييل على قاعدة الاستعارة التصريحية.
٣- الاستعارة التمثيلية في انهيار البناء القائم على شفا جرف هار. شبّه عدم القيام بأمور الدين بمن بني بنيانه على شفا فهو يسقط به فالمشبه به البناء على محل آيل للسقوط والمشبه هو ترتيب أحكام الدين وأعماله على الكفر والنفاق.
الفوائد :
قصة مسجد الضرار :


الصفحة التالية
Icon