هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) هو مبتدأ والذي خبره وجملة جعل صلة وإن كان الجعل بمعنى التصيير كانت الشمس مفعولا أولا وضياء مفعولا ثانيا وان كان الجعل بمعنى الخلق كانت الشمس مفعولا به وضياء حال والقمر نورا عطف عليهما. (وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) وقدره فعل وفاعل مستتر ومفعول به ومنازل أي في منازل فهو منصوب على الظرفية ويجوز أن يكون التقدير ذا منازل، وقدّر على هذا متعدية الى مفعولين لأن معناه جعل وصيّر فيكون مفعولا ثانيا ويجوز أن يكون قدّر متعديا الى واحد بمعنى خلق وهو الهاء ومنازل حال أي متنقلا وارتأى أبو البقاء وجها طريفا لا يخلو من وجاهة وهو أن يكون الضمير منصوبا بنزع الخافض فحذف حرف الجر أي قدر له منازل ومنازل مفعول به واللام للتعليل وتعلموا منصوب بأن مضمرة وعدد مفعول به والسنين مضاف إليه والحساب معطوف على عدد، سئل أبو عمرو عن الحساب أننصبه
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٢٠٩
أم نجره فقال : ومن يدري عدد الحساب ومعنى جوابه أنه سئل هل نعطفه على عدد فنصبه أم على السنين فنجره؟ فكأنه قال : لا يمكن جره إذ يقتضي ذلك أن يعلم عدد الحساب، ولا يقدر أحد أن يعلم عدده. (ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ما نافية وخلق اللّه ذلك فعل وفاعل ومفعول به وإلا أداة حصر وبالحق حال فالاستثناء المفرغ من أعم الأحوال أي ما خلق ذلك إلا ملتبسا بالحق والحكمة البالغة ولم يخلقه عبثا وجملة يفصل الآيات حال أيضا والآيات مفعول به ولقوم متعلقان بيفصل وجملة يعلمون صفة لقوم.