قال ابن هشام في هذه الآية : جملة « و ترهقهم ذلة » معطوفة على « كسبوا السيئات » فهي من الصلة وما بينهما اعتراض بيّن به قدر جزائهم وجملة « ما لهم من اللّه من عاصم » خبر قاله ابن عصفور وهو بعيد لأن الظاهر أن « ترهقهم » لم يؤت به لتعريف « الذين » فيعطف على صلته بل جي ء به للاعلام بما يصيبهم جزاء على كسبهم السيئات ثم انه ليس بمتعين لجواز أن يكون الخبر « جزاء سيئة بمثلها » فلا يكون في الآية اعتراض ويجوز أن يكون الخبر جملة النفي كما ذكر وما قبلها جملتان معترضتان وأن يكون الخبر « كأنما أغشيت » فالاعتراض بثلاث جمل أو « أولئك أصحاب النار » فالاعتراض بأربع جمل ويحتمل وهو الأظهر ان « الذين » ليس مبتدأ بل معطوف على « الذين » الأولى أي « للذين أحسنوا الحسنى وزيادة » وللذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها، فمثلها هنا في مقابلة الزيادة هناك ونظيرها في المعنى قوله تعالى « من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون » وفي اللفظ قولهم في الدار زيد والحجرة عمرو وذلك من العطف على معمولي عاملين مختلفين عند الأخفش وعلى إضمار الجار عند سيبويه والمحققين، ومما يرجح هذا الوجه أن الظاهر أن الباء في « بمثلها » متعلقة بالجزاء فإذا كان « جزاء سيئة » مبتدأ احتيج الى تقدير الخبر أي واقع، قاله أبو البقاء أو « لهم » قاله الخوفي وهو أحسن لإغنائه عن تقدير رابط بين هذه الجملة ومبتدئها وهو الذين وعلى ما اخترناه يكون « جزاء »
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٢٣٩
عطفا على « الحسنى » فلا يحتاج الى تقدير آخر، وأما قول أبي الحسن وكيسان أن « بمثلها » هو الخبر وأن الباء زيدت في الخبر كما زيدت في المبتدأ في « بحسبك درهم » فمردود عند الجمهور، وقد يؤنس قولهما بقوله « و جزاء سيئة سيئة ».
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٢٨ الى ٣٠]