و هذا باب تقدمت الاشارة اليه في الأنفال وهو ينطوي على السر في مخالفة حروف الجر وأكثر الناس يضعون هذه الحروف في غير مواضعها ويجهلون الدقائق الكامنة في وضعها حيث وضعت وهنا عدى فعل هدى الى الحق بإلى مرتين وفي الثلاثة عداه باللام، والنحاة يغفلون عن هذا السر ويقولون إن ما يصح جره بإلى يجوز جره باللام التي تفيد الغاية مثلها ولا عكس فلا يقال في قلت له : قلت اليه، ويقولون الماء في الكأس لأن في للظرفية ويجيزون التعدي بالباء لأنها تخلفها في الظرفية ولا يجوز أن يقال في مررت به : مررت فيه، إذا تقرر هذا نقول، واللّه أعلم، ان هناك سرا وراء الصورة فالهداية لمّا أسندت إليهم وجبت تعديتها بإلى التي تفيد البعد كأنها ضمنا بعيدة عنهم ولكنها لما أسندت الى اللّه تعالى وجب تعديتها باللام التي تفيد القرب كأنها من خصائصه وحده وملك يمينه وهو المنفرد بها على وجه الديمومة والكمال وستأتي نماذج من هذه المخالفة السامية.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٢٤٧
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٣٧ الى ٤٠]
وَ ما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٣٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٨) بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٣٩) وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (٤٠)
الإعراب :