أما الآية التي نحن بصدد البحث فيها، فهي قوله تعالى « و منهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون، ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون » فإن لقائل أن يقول : ما فائدة الفاصلتين وقد أغنى عنهما ما قبلهما؟ فيقال في الكلام تقديم وتأخير إذا علم سقط معه السؤال وهو أن يقال :« و منهم من ينظر إليك ولو كانوا لا يبصرون أفأنت تهدي العمي » والاخرى كذلك، ويرد على ذلك قول من يقول : فما الداعي الى وضع الكلام على التقديم والتأخير الذي هو أحد أسباب التعقيد؟ قلت : الداعي اليه توخي الإتيان بمقاطع الكلام متماثلة مع ما قبلها ومع ما بعدها من الفواصل فإن قبلها :« و إن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بري ء مما تعملون ». وبعدها « إن اللّه لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم كانوا يظلمون » ومعظم فواصل السورة على هذه الزنة والتقفية.
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٤٥ الى ٤٧]
وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (٤٥) وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ (٤٦) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٤٧)
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٢٥٥
الاعراب :


الصفحة التالية
Icon