أو الغزالة من طول المدى خرفت فما تفرق بين الجدي والحمل
فالتورية هنا مجردة إذ لم يذكر الشاعر شيئا من لوازم المورى به أو لوازم المورى عنه.
٢- التورية المرشحة : وهي التي ذكر فيها لازم من لوازم المورى به كقول القائل :
يا سيدا حاز لطفا له البرايا عبيد
أنت الحسين ولكن جفاك فينا يزيد
فإن ذكر الحسين لازم لكون يزيد اسما علما بعد احتماله للفعل المضارع الذي هو معناه المقصود المورّى عنه ولابن خطيب داريا في حمص :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٢٩٥
مدينة حمص كعبة الحسن أصبحت يطوف بها دان ويسعى بها قاصي
له حلة من نبتها سندسية تعلق في أذيال أستارها العاصي
فإن ذكر التعلق بأذيال الكعبة هنا على سبيل الاستعارة ترشيح للعاصي من العصيان كما سبق، وقد رد بعضهم على ابن خطيب داريا فقال :
مدينة حمص لم تكن قط كعبة يطوف بها دان ويسعى بها قاصي
و لكنها للّهو والقصف حانة ألم تنظروها كيف جاورها العاصي
٣- التورية المبينة : هي التي ذكر فيها لازم من لوازم المورى عنه ومن أمثلتها ما يحكى أن نقيب الأشراف ببغداد كان يهوى غلاما اسمه صدقة أخذه ابن المنير الطرابلسي يوما وأضافه وجلسوا في طبقة وإذا بالشريف أتى إليهم مستخفيا وقال لهم :
يا من هم في الطبقة هل عندكم من شفقة؟
قد جاءكم متيّم يطلب منكم « صدقه »
فأجابه ابن المنير في الحال :
يا من أتانا سرقه بمهجة محترقة
جدّك يا ذا لم يجز أخذك منا « صدقه »
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٢٩٦
فخجل وذهب عنهما والشاهد في قول الشريف « متيم » يرشح المعنى المورى عنه في صدقة وهو اسم محبوبه والمعنى الثاني ظاهر وهو الصلة للفقراء.
٤- التورية المهيئة : وهي التي لا يتهيأ معها في الكلام تورية إلا باللفظ قبله أو الذي بعده كقول الدماميني :
يا عذولي في مغن مطرب حرّك الأوتار لما سفرا
لم تهز العطف منه طربا عند ما تسمع منه وترا


الصفحة التالية
Icon