المعنى فيمن قال بادي الرأي بلا همز فجعله من بدا إذا ظهر أي ما اتبعك إلا الأراذل فيما ظهر لهم من الرأي إن لم يتعقبوه بنظر فيه وروية، وهاتان الكلمتان تتقاربان في المعنى لأن الهمزة في اللام معناها ابتداء الشي ء وأوله واللام إذا كانت واوا كان المعنى الظهور، وابتداء الشي ء يكون ظهورا فلذلك يستعمل كل منهما مكان الآخر وجاز في اسم الفاعل أن يكون ظرفا كما جاز في فعيل نحو قريب وملي ء لأن فاعلا وفعيلا يتعاقبان على المعنى نحو عالم وعليم وشاهد وشهيد وحسن ذلك إضافته الى الرأي وقد أجروا المصدر أيضا في إضافته اليه في قولهم اما جهد رأيي فإني منطلق فهذا لا يكون إلا ظرفا » الى آخر هذا البحث الممتع وسيرد المزيد في الاعراب.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٣٣٧
(الرَّأْيِ) : مصدر رأى رأيا ويجمع على آراء والرأي هو التفكر في مبادئ الأمور والنظر في عواقبها والعلم بما تئول اليه من الخطأ والصواب، وأصحاب الرأي عند الفقهاء هم أصحاب القياس والتأويل وقد أجمع الشعراء على امتداح الرأي فقال أبو فراس الحمداني :
و لا أرضى الفتى ما لم يكمل برأي الكهل أقدام الغلام
و قال أبو الطيب المتنبي :
الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفس حرة بلغت من العلياء كل مكان
الاعراب :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) جملة مستأنفة مسوقة للشروع في ذكر عدد من القصص تسلية للنبي صلى اللّه عليه وسلم واعتبارا بها، وتأسيا بما لاقاه أصحابها وقد احتوت هذه السورة على سبع قصص واللام موطئة للقسم وقد حرف تحقيق وأرسلنا فعل وفاعل ونوحا مفعول به والى قومه جار ومجرور متعلقان بأرسلنا وإني بكسر الهمزة على إرادة القول وكثيرا ما يضمر وهو غني عن الشواهد وان واسمها ولكم متعلقان بنذير ونذير خبر إن ومبين صفته.