٢٠- ائتلاف اللفظ مع المعنى :
و هو ما يسميه أهل الفن المزاوجة بين الألفاظ حتى لقد قال أناتول فرانس الكاتب الفرنسي :« ان بين الألفاظ زواجا كاثوليكيا »
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٣٦٩
و كل لفظة لا يصلح في موضعها غيرها، وقد كان أبو تمام يحرص في شعره على هذا الفن فاستمع الى قوله :
و في الكلمة الوردية اللون جؤذر من الانس يمشي في رقاق المجاسد
رمته بخلف بعد أن عاش حقبة له رسفان في قيود المواعد
و فاعل رمته في أبيات سبقت، وهذا أمر تعجز الألفاظ عن إيجاد حدود له وانما هو مما يستشعره الذوق وحده على حد قول فولتير :
« ذوقك أستاذك ».
٢١- الاستعارة المتكررة :
فاذا أضفت إلى ما تقدم أن الاستعارة وقعت فيها في موقعين وهما استعارة الابتلاع والإقلاع حصل لك واحد وعشرون فنا.
هذا وقد أضاف بعض البلاغيين إلى هذه الفنون ما يلي :
١- ومنها انه تعالى لم يصرح بفاعل غيض وقضي وقيل، كما لم يصرح في صدر الآية بقائل قيل وكذا لم يصرح بمن سوى السفينة تنبيها على أن تلك الأمور العظام لا يتصور وقوعها إلا من قادر لا يكتنه وقهار لا يغالب فلا يذهب الوهم إلى فاعل غيره ولا ينشط الخيال الى مدى أبعد من هذا المدى وقيل في وجه العدول عن تصريح الفاعل
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٣٧٠
اشارة الى أن هذه الأمور أهون عند اللّه تعالى من أن ينسبها الى قدرته صراحة.
٢- ومنها إفراد الماء إشعارا بأن هذا الماء لم يحصل من اجتماع المياه وتكاثرها بل هو نوع واحد حصل بقدرته تعالى دفعة واحدة.
٣- ومنها افراد « أرض » إشارة الى شمول هذا الماء الكل بحيث صار الكل بمثابة شي ء واحد باعتبار هذا الشمول، وأيضا افراد « سماء » إشارة الى أن المراد بها هاهنا جهة العلو الذي لا يكتنه مداه لا الاجرام العلوية.