إن نقول إلا اعتراك » إن حرف نفي لحقت نقول فنفت جميع القول إلا قولا واحدا وهو قولهم اعتراك بعض آلهتنا بسوء والتقدير ما نقول قولا إلا هذه المقالة والفعل يدل على المصدر وعلى الظرف وعلى الحال ويجوز أن يذكر الفعل ثم يستثنى من مدلوله ما دلّ عليه من المصادر والظروف والأحوال فنقول اعتراك مستثنى من المصدر الذي دل عليه، نقول كقوله تعالى « فما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى » فنصب
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٣٨٥
موتتنا على الاستثناء لأنه مستثنى من ضروب الموت الذي دل عليه قوله بميتين ومما جاء من ذلك في الظروف قوله « و يوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار » فساعة استثناء مما دل عليه لم يلبثوا من لأوقات، ومما جاء من ذلك في الحال قوله « ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من اللّه » التقدير ضربت عليهم الذلة في جميع الأحوال أينما ثقفوا إلا متمسكين بحبل أي بعهد من اللّه.
٣- الفائدة الثالثة : التنازع :
هو أن يتقدم فعلان متصرفان أو اسمان يشبهانهما ويتأخر عنهما معمول وهو مطلوب لكل منهما كقوله تعالى « آتوني أفرغ عليه قطرا » ولك أن تعمل في الاسم المذكور أي العاملين شئت، فإن أعملت الثاني فلقربه وإن أعملت الأول فلسبقه فإن أعملت الاول في الظاهر أعملت الثاني في ضميره مرفوعا كان أم غيره نحو : قام وقعدوا أخواك واجتهد فأكرمتهما أخواك ووقف فسلمت عليهما أخواك وأكرمت فسرا أخويك وأكرمت فشكر لي خالدا، ومن النحاة من أجاز حذفه إن كان غير ضمير رفع كقوله :
بعكاظ يعشي الناظرين إذا هم لمحوا شعاعه وإن أعملت الثاني في الظاهر أعملت الأول في ضميره إن كان مرفوعا نحو قاما وقعد أخواك واجتهدا فأكرمت أخويك ووقفا فسلمت على أخويك ومنه قول الشاعر :
جفوني ولم أجف الأخلاء إنني لغير جميل من خليلي مهمل
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٣٨٦


الصفحة التالية
Icon