و يا قوم اعلموا على مكانتكم اني عامل سوف تعلمون » فقد حذفت الفاء التي يتطلبها السياق لتلفت نظر السامع وانتباهه الى أن ثمة سؤالا وهو فماذا يكون بعد ذلك وهو أبلغ في التهويل لأن قوله سوف تعلمون ينطوي على ما لا يدرك كنهه ولا يسبر غوره من أعمال الانتقام والتهديد.
قال الزمخشري في صدد هذا الحذف :« أي فرق بين إدخال الفاء وتركها في سوف؟ » وأجاب بقوله :« إدخال الفاء وصل ظاهر بحرف موضوع للوصل وتركها وصل خفي تقديري بالاستئناف الذي هو جواب لسؤال مقدر كأنهم قالوا : فماذا يكون إذا عملنا نحن على مكانتنا وعملت أنت على مكانتك فقيل سوف تعلمون وأقوى الوصلين وأبلغهما الاستئناف لأنه أكمل في باب الفصاحة والتهويل.
٣- التعريض :
و في قوله إني عامل تعريض وقد تقدمت الاشارة الى هذا الفن فقد ذكر لهم احدى العاقبتين دون ذكر الثانية تعريض أبلغ من التصريح وقد تقدم نظير هذا في سورة الانعام إذ قال « قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار »
فذكر هناك إحدى العاقبتين لأن المراد بهذه العاقبة عاقبة الخير واستغنى عن
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٤٢٢
ذكر مقابلتها، أما في آية هود فقد ذكر عاقبتهم وهي « سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه » واستغنى بها عن عاقبته وقد لا يذكر عاقبته فتنصرف الى المخاطب كقولك لمن تهدده : ستعلم من يهان ومن يعاقب وانما تعني المخاطب في الكلامين.
الفوائد :
النسبة المعدولة عن القياس :


الصفحة التالية
Icon