و هذا الوجه الذي وقع عليه اختيارنا وذهب اليه الزجاج والفراء هو الثالث عشر فهناك اثنا عشر مذهبا متفاوتة.
و يطول بنا القول إذا ما حاولنا نقل هذه الأوجه فليرجع إليها من شاء في التفاسير الكبرى ليرى كيف تتفاوت الأفهام ويطيب لنا أن ننقل هنا رأيا يحتاج الى التأويل وهو لفيلسوف الصوفية محيي الدين ابن عربي قال : انهم يعذبون فيها مدة ثم تنقلب عليهم وتبقى طبيعة نارية لهم يتلذذون بها لموافقتها لطبيعتهم فإن الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد. وقال في موضع آخر : إن أهل النار إذا دخلوها لا يزالون خائفين مترقبين أن يخرجوا منها فاذا أغلقت عليهم أبوابها اطمأنوا لأنها خلقت على وفق طباعهم.
و لبدوي الجبل في العصر الحديث قصيدة عصماء قال فيها يصف أهل النار :
لا يألمون ولا تشكو جسومهم من اللظى فهي نيران بنيران
و قد علق ابن القيم على هذا القول قائلا : وهذا في طرف والمعتزلة القائلون بأن اللّه يجب عليه تعذيب من توعده بالعذاب في طرف آخر
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٤٣٤
فأولئك عندهم لا ينجو من النار من دخلها أصلا وقد استرسل الزمخشري في التشنيع على أهل السنة في هذا الصدد مما يطول بحثه وانما نقلنا هذه اللمح للاطلاع.
[سورة هود (١١) : الآيات ١٠٩ الى ١١٢]
فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ ما يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (١٠٩) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١١٠) وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١١) فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢)
اللغة :


الصفحة التالية
Icon