لمفعولين أولهما الضمير والثاني أعمالهم وتحتمل أن تكون قلبية ولعله أرجح فتتعدى لثلاثة (اللَّهُ) فاعل (أَعْمالَهُمْ) مفعول به ثان (حَسَراتٍ) مفعول به ثالث أو حال (عَلَيْهِمْ) متعلقان بمحذوف صفة لحسرات (وَما) الواو عاطفة وما حجازية (هُمْ) اسم ما الحجازية (بِخارِجِينَ) الباء حرف جر زائد وخارجين مجرور لفظا منصوب خبر ما محلا (مِنَ النَّارِ) الجار والمجرور متعلقان بخارجين.
البلاغة :
١- في الآية فن اللفّ والنشر المشوش، وهو ذكر متعدد على وجه التفصيل أو الإجمال، ثم ذكر ما لكل واحد وردّه الى ما هو له، فتبرؤ بعضهم من بعض راجع لقوله : إذ تبرأ، وإراءتهم شدة العذاب راجع لقوله : ورأوا العذاب، والمراد أنه أراهم هذين الامرين عقوبة لهم على اتخاذهم الأنداد للّه، فكما عاقبهم على عقائدهم عاقبهم على أعمالهم. ولهذا الفن فروع متعددة مبسوطة في كتب البلاغة، ومنه في الشعر قول أبي فراس الحمداني :
و شادن قال لي لمّا رأى سقمي وضعف جسمي والدّمع الذي انسجما
أخذت دمعك من خدّي وجسمك من خصري وسقمك من طرفي الذي سقما
٢- في قوله : إذ تبرأ الذين اتبعوا.. الآية، فنّ يقال له فنّ الترصيع، وهو أن يكون الكلام مسجوعا، وهو في الآية في موضعين، وقد كثر في القرآن، وأما في الشعر فمنه قول أبي الطيب المتنبي :
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٢٣٤
في تاجه قمر في ثوبه بشر في درعه أسد تدمى أظافره
و قال أبو تمام :
تدبير معتصم باللّه منتقم للّه مرتغب في اللّه مرتقب
٣- في قوله :« و تقطعت بهم الأسباب » مجاز مرسل علاقته السببية، فان السبب في الأصل الحبل الذي يرتقى به الى ما هو عال ثم أطلق على كل ما يتوصل به الى شي ء، مادة كان أم معنى. ولك أن تجعله من باب الاستعارة التصريحية، فقد شبه الأعمال التي كانوا يمارسونها في الدنيا بالأسباب التي يتشبّث بها الإنسان للنجاة. ثم حذف المشبّه وأبقى المشبّه به. قال زهير بن أبي سلمى :


الصفحة التالية
Icon