٣- في جعل الضلال ظرفا مجاز أيضا كأنه قد أحاط بهم وجلببهم بسوادة فهم منغمسون فيه الى الأذقان يتخبطون في متاهاته ويتعسفون في ظلماته.
٤- في جعل اللسان لغة مجاز علاقته السببية لأنه آلة النطق لأن معنى بلسان قومه : بلغة قومه واللسن واللسان كالريش والرياش وسيأتي في باب الفوائد تفصيل مسهب عن لغة القرآن واللهجات السبع التي قرى ء بها. ووحد اللسان لأن المراد اللغة، وقد قيل في هذه الآية إشكال لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم أرسل الى الناس جميعا ولغاتهم متباينة وألسنتهم مختلفة وأجيب بأنه إن كان صلى اللّه عليه وسلم مرسلا الى الناس كافة لكن لما كان قومه العرب وكانوا أخص به وأقرب اليه كان إرساله بلسانهم أولى من إرساله بلسان غيرهم وهم يبينونه لمن كان على غير لسانهم ويوضحونه حتى يصير فاهما له كفهمهم إياه ولو نزل القرآن بجميع لغات من أرسل إليهم وبينه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لكل قوم بلسانهم لكان ذلك مظنة للاختلاف وفتحا لباب التنازع على
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ١٤٤
مصراعيه لأن كل أمة قد تدعي من المعاني في لسانها مالا يعرفه غيرها، وربما كان أيضا مفضيا الى التحريف والتصحيف بسبب الدعاوى الباطلة التي يقع فيها المتعصبون.
٥- الطباق بين يضل ويهدي وجميع هذه الفنون تقدم بحثها في مظانها.
الفوائد :
في هذه الآيات من الفوائد ما يستوعب الاجلاد ولكننا جريا على نهج الكتاب سنجتزى ء بما لا بد من ذكره فيما يلي :
١- (وَيْلٌ) :
كلمة وعيد وتهديد وهو نقيض الوأل أي النجاة اسم بمعنى الهلاك إلا أنه لا يشتق منه فعل إنما يقال ويلا له فينصب نصب المصادر ثم يرفع رفعها لإفادة معنى الثبات فيقال ويل له كسلام عليك وفي المختار الوائل الملجأ وقد وأل اليه أي لجأ وبابه وعد وءولا بوزن وجود، وويل زيد وويحه منصوبان على المصدرية وقيل ويل كلمة عذاب وويح كلمة ترحّم.


الصفحة التالية
Icon