و بوضوح هذه الاستعارة يتضح أن الشيطان قام لهم في هذا اليوم مقاما يقصم ظهورهم ويقطع قلوبهم فقد أوضح لهم :
أولا- ان مواعيده التي كان يعدهم بها في الدنيا باطلة ومعارضة لوعد الحق من اللّه سبحانه.
ثانيا- انه أخلفهم ما وعدهم من تلك المواعيد ولم يف لهم بشي ء منها.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ١٨٣ ثالثا- أوضح لهم أنهم قبلوا قوله بما لا يوجب القبول ولا ينفق على عقل عاقل لعدم الحجة التي لا بد للعاقل منها في قبول قبول غيره.
رابعا- أوضح لهم انه لم يكن منه إلا مجرد الدعوة العاطلة عن البرهان الخالية من أيسر شي ء مما يتمسك به العقلاء.
خامسا- ثم نعى عليهم ما وقعوا فيه ودفع لومهم له وأمرهم بأن يلوموا أنفسهم لأنهم هم الذين قبلوا الباطل البحت الذي لا يلتبس بطلانه على من له أدنى مسكة من عقل.
سادسا- أوضح لهم انه لا نصر عنده ولا إغاثة ولا يستطيع لهم نفعا ولا يدفع عنهم ضرا بل هو مثلهم في الوقوع في البلية والعجز عن الخلوص من هذه المحنة.
سابعا : ثم صرح لهم بأنه قد كفر بما اعتقدوه وأثبتوه له فتضاعفت عليهم الحسرات وتوالت عليهم المصائب.
و إذا كانت جملة « ان الظالمين لهم عذاب أليم » من تتمة كلامه كما ذهب اليه بعض المفسرين فهو نوع ثامن من كلامه الذي خاطبهم به.
الفوائد :
إعراب خلق اللّه السموات :
هذا بحث شيق وإن يكن لا حقيقة له فقد اعترض عبد القاهر الجرجاني على إعراب خلق اللّه السموات والعالم ونحوهما إذ قال :
« العالم هنا مصدر لا مفعول به لأن المفعول به هو الذي كان موجودا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ١٨٤


الصفحة التالية
Icon