أن الأصل يقيم أكثرهم ثم حذف المضاف وأنيب عنه المضاف اليه فارتفع واتصل بالفعل وباحتمال انه ليس المراد بالعباد الموصوفين بالإيمان مطلقا بل المخلصين منهم وكل مؤمن مخلص قال له الرسول أقم الصلاة أقامها، وقال المبرد : التقدير قل لهم أقيموا يقيموا والجزم في جواب أقيموا المقدر لا في جواب قل ويرده أن الجواب لا بد أن يخالف المجاب إما في الفعل والفاعل نحو ائتني أكرمك أو في الفعل نحو أسلم تدخل الجنة أو في الفاعل نحو قم أقم ولا يجوز أن يتوافقا فيهما وأيضا فإن الأمر المقدر للمواجهة ويقيموا للغيبة وقيل يقيموا مبني لحلوله محل أقيموا وهو مبني وليس بشي ء وزعم الكوفيون وأبو الحسن أن لام الطلب حذفت حذفا مستمرا في نحو قم واقعد وان الأصل لتقم ولتقعد فحذفت اللام للتخفيف وتبعها حرف المضارعة وبقولهم أقول لأن الأمر معنى فحقه أن يؤدى بالحرف ولأنه أخو النهي ولم يدل عليه إلا بالحرف ولأن الفعل إنما وضع لتقييد الحدث بالزمان المحصل وكونه أمرا أو خبرا خارج عن مقصوده ولأنهم قد نطقوا بذلك الأصل كقوله « لتقم أنت يا ابن خير قريش ».
(وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً) وينفقوا عطف على يقيموا ومما رزقناهم متعلقان بينفقوا وسرا وعلانية منصوبان على الحال أي ذوي سر وذوي علانية بمعنى مسرين ومعلنين أو على المصدر أي انفاق سر وعلانية أو على الظرفية أي وقتي سر وعلانية أو بنزع الخافض أي في سر وعلانية. (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) من قبل متعلقان بينفقوا وان وما في حيزها مصدر مضاف لقبل ويوم فاعل يأتي ولا نافية للجنس أهملت لتكرارها كما في لا حول ولا قوة وقد تقدمت الأوجه فيها وبيع مبتدأ وفيه خبر ولا خلال عطف على لا بيع. (اللَّهُ
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ١٩٤
الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ)


الصفحة التالية
Icon