فأولها : التعجب الوارد بصيغة الاستفهام من أعمالهم التي لا تمت الى الحلم بصلة فقد بدلوا نفس النعمة كفرا وجنوا على أنفسهم وعلى قومهم.
و ثانيهما : الاستعارة في قوله ليضلوا عن سبيل اللّه ولم يكن ذلك غرضا لهم ولكنه شبيه به لأنه نتيجة محتومة لاتخاذ الأنداد فهي استعارة تصريحية تبعية.
و ثالثهما : حذف المقول من قوله « قل لعبادي الذين آمنوا إلخ » وقد رد الحذاق على هذا الاعراب بقوله « و في هذا الاعراب نظر لأن الجواب حينئذ يكون خبرا من اللّه تعالى بأنه إن قال لهم هذا القول امتثلوا مقتضاه فأقاموا الصلاة وأنفقوا لكنهم قد قيل لهم فلم يمتثل كثير منهم وخبر اللّه يجل عن الحلف وهذه النكتة هي الباعثة لكثير من المعربين على العدول عن هذا الوجه من الاعراب مع تبادره فيما ذكر بادي الرأي ويمكن تصحيحه بحمل العام على الغالب لا على الاستغراق ويقوى بوجهين لطيفين أحدهما ان هذا النظم لم يرد إلا لموصوف بالايمان الحق المنوه بايمانه عند الأمر كهذه الآية وغيرها مثل قوله تعالى « قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن » و « قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم » والثاني تكرر مجيئه للموصوفين بأنهم عباد اللّه المشرفون باضافتهم الى اسم اللّه تعالى وقد قالوا : إن لفظ العباد لم يرد في الكتاب العزيز إلا مدحة للمؤمنين وخصوصا إذا انضاف اليه تعالى اضافة التشريف والحاصل ان المأمور في هذه الآي من هو بصدد الامتثال وفي حيز المسارعة للطاعة فالخبر في أمثالهم حق وصدق اما على العموم إن أريد أو على الغالب.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ١٩٦
و رابعها : التأكيد الذي جعل الخبر إنكاريا بقوله « إن الإنسان لظلوم كفار » فقد اشتملت هذه الآية على أربعة تأكيدات أولها « ان » وثانيها « اللام المزحلقة أو لام التأكيد » وصيغة « ظلوم » وصيغة « كفار ».
[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٣٥ الى ٤١]


الصفحة التالية
Icon