قال أبو بكر :« أراد وكفى بأنه مضى حميدا شاهدا على اني رزئت وكان وجه الكلام أن يقول : وكفى برزئي شاهدا على أنه مضى حميدا لأن حمد أمر الطلل قد مضى وليس بشاهد ولا بمعلوم ورزؤه بما ظهر من تفجعه شاهد معلوم فلأن يكون الحاضر شاهدا على الغالب أولى من أن يكون الغائب شاهدا على الحاضر » ومضى الصولي في نقده منكرا أن يكون القلب قد ورد في القرآن وان ما احتج به أصحاب
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٢٨٢
أبي تمام من قلب في القرآن على ما جاء به في بيته من قلب ليس صحيحا رغم قول المفسرين وانه لهذا لا يصحّ القياس عليه فلا يصح القلب في بيت أبي تمام.
و هذا تعسف وتحامل من الصولي حدا به الى انكار ما انعقد الإجماع ودل المنطق عليه وسنعود الى مناقشته في مكان آخر من هذا الكتاب.
٤- التغليب :
في قوله تعالى أيضا « أ فمن يخلق كمن لا يخلق » إذ المراد بمن لا يخلق الأصنام وجاء بمن الذي هو للعقلاء ذوي العلم وذلك لأنهم لما عبدوها وسموها آلهة أجروها مجرى أولي العلم فجي ء بمن على اعتقادهم ووفق ما هو مركوز في سلائقهم، وأيضا للمشاكلة بينها وبين الخالق الحقيقي وهو المعبر عنه بقوله « أ فمن يخلق كمن لا يخلق » قال العز بن عبد السلام هذه الآية مشكلة لأن قاعدة التشبيه تقتضي أن يقال أفمن لا يخلق كمن يخلق ولا يقال انهم كانوا يعظمون الأصنام أكثر من اللّه لأنهم لم يقولوا ذلك وإنما قالوا : نعبدهم ليقربونا إلى اللّه زلفى بخلاف قوله تعالى : أفنجعل المسلمين كالمجرمين وقوله : أم نجعل المتقين كالفجار فإنهم لما كانوا يقولون نحن نسود في الآخرة كما سدنا في الدنيا جاء الجواب على وفق معتقدهم انهم أعلى والمؤمنون أدنى.