في قوله تعالى « فخر عليهم السقف من فوقهم » فإن لقائل أن يقول : السقف لا يكون إلا من فوق فما معنى ذكر من فوقهم والجواب انه احتراس من احتمال أن السقف قد يكون أرضا بالنسبة لغيرهم، فإن كثيرا من السقوف يكون أرضا لقوم وسقفا لقوم آخرين فرفع اللّه تعالى هذا الاحتمال بجملتين وهما قوله « عليهم » وقوله « خر » لأنها لا تستعمل إلا فيما يهبط أو يسقط من العلو إلى السفل.
هذا وقد ساق بعض النقاد بيتا في شواهد العيوب وهو :
زياد بن عين عينه تحت حاجبه وبيض الثنايا تحت خضرة شاربه
فقال : وجه العيب فيه كون العين لا تكون إلا تحت الحاجب.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٢٩٣
و الثنايا تحت الشارب، وقيل في الرد على هذا العائب : ان الشاعر أراد أن هذا الممدوح خلق في أحسن تقويم وولد كذلك ولم يولد مشوه الخلق ولا معيب الصورة ولم يطرأ عليه وهو جنين ما ينقص خلقه أو يشوهه.
و قال ابن الاعرابي :« و إنما قال : من فوقهم ليعلمك انهم كانوا حالين تحته والعرب تقول : خر علينا سقف ووقع علينا حائط إذا كان يملكه وإن لم يكن وقع عليه فجاء بقوله : من فوقهم ليخرج هذا الشك الذي في كلام العرب » وهو كلام لا بأس به.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٣٠ الى ٣٤]