بدأت مدرسة الرسول صلى اللّه عليه وسلم تترسّم خطاه في التفسير وتحفظ ما نقل عنه وترويه وقد تتزيد فيه بشرح لفظ غريب وعلى الرغم من هذا لا نعدم بعض الغريب في آيات الكتاب توفقوا عنده من ذلك ما أخرجه أبو عبيدة في الفضائل عن ابراهيم التيمي أن أبا بكر الصديق سئل عن قوله تعالى :« و فاكهة وأبّا » فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن قلت في كتاب اللّه ما لا أعلم؟ ونقل عن أنس أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر « و فاكهة وأبّا » فقال : هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأبّ؟ ثم رجع الى نفسه فقال : إن هذا لهو الكلف يا عمر، وقد انقسم الصحابة في صدر الإسلام الى قسمين : متحرج من القول في القرآن ومن هؤلاء أبو بكر وعمر وعبد اللّه بن عمر وكان عبد اللّه يأخذ على عبد اللّه بن عباس تفسيره القرآن بالشعر، والقسم الثاني الذين لم يتحرجوا وفسروا القرآن حسب ما فهموا من الرسول أو حسب فهمهم الخاص بالمقارنة الى الشعر العربي وكلام العرب ومن هؤلاء علي ابن أبي طالب وعبد اللّه بن عباس ومن أخذ عنهما وقد وقف ابن عباس على رأس المفسرين بالرأي المتخذين شعر العرب وسيلة الى كشف معاني القرآن وكان علي بن أبي طالب يثني على عبد اللّه بن عباس ويقول :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٣٠٦
كأنما ينظر الى الغيب من ستر رقيق ومن هؤلاء أيضا ابن مسعود وأبي ابن كعب وغيرهما وتبعهم الحسن البصري ومجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وغيرهم ويقول أحمد أمين في كتابه الممتع فجر الإسلام ما خلاصته ان هؤلاء المفسرين من الصحابة والتابعين كانوا ينهجون منهجا يتلخص في الاسترشاد بحديث رسول اللّه وبروح القرآن وبالشعر العربي والأدب الجاهلي بوجه عام ثم عادات العرب في جاهليتها وصدر إسلامها وما قابلهم من أحداث وما لقي رسول اللّه من عداء ومنازعات وهجرة وحروب
لمحة عن ابن عباس ومدرسته :