و روي أن ابن الراوندي الزنديق قال لابن الأعرابي إمام اللغة والأدب : هل يذاق اللباس؟ فقال له ابن الأعرابي : لا بأس أيها النسناس هب أن محمدا ما كان نبيا أما كان عربيا؟ كأنه طعن في الآية بأن المناسب أن يقال فكساها اللّه لباس الجوع أو فأذاقها اللّه طعم الجوع فرد عليه ابن الأعرابي، وقد أجاب علماء البلاغة أن هذا من تجريد الاستعارة وذلك انه استعار اللباس لما خشي الإنسان من بعض الحوادث كالجوع والخوف لاشتماله عليه اشتمال الثوب على اللابس ثم ذكر الوصف ملائما للمستعار له وهو الجوع والخوف لأن اطلاق الذوق على إدراك الجوع والخوف جرى عندهم مجرى الحقيقة فيقولون ذاق فلان البؤس والضر وأذاقه غيره فكانت الاستعارة مجردة ولو قال فكساها كانت مرشحة، قيل وترشيح الاستعارة وان كان مستحسنا من جهة المبالغة إلا أن للتجريد ترجيحا من حيث أنه روعي جانب المستعار له فازداد الكلام وضوحا.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ١١٤ الى ١١٧]
فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١١٤) إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٥) وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (١١٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١١٧)
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٣٧٩
الاعراب :


الصفحة التالية
Icon