على أننا نستبعد أن تكون لا محذوفة هنا وهي مرادة، فالآية من آيات التشريع والأحكام، والفعل فيها مثبت، وتأويلها على تقدير « لا » محذوفة ينقض الإثبات بالنفي ولو كانت الفدية على من لا يطيقونه لأخذ حرف النفي مكانه في نص الحكم الشرعي، ولم يدع لنا مجالا للاختلاف على تأويله بين النقيضين من اثبات ونفي أما الطاقة فهي في العربية أقصى الجهد ونهاية الاحتمال واستعمال القرآن الطاقة اسما وفعلا يؤذن بأنها مما يستنفد الجهد وطاقة الاحتمال، كما تشهد بذلك آياتها الثلاث، وكلها من سورة البقرة.
١- « قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ».
٢- « ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به ».
٣- « و على الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ».
فندرك أن الأمر في احتمال الصوم إذا جاوز الطاقة، وخرج الى ما لا يطاق سقط التكليف لانه لا تكليف شرعا بما لا يطاق، واللّه سبحانه لا يكلف نفسا الا وسعها.
٣- قد يشرب العرب لفظا معنى لفظ، فيعطى حكمه ويسمى ذلك تضمينا، كما ضمن « لتكبدوا » معنى « تحمدوا » ومنه قول الفرزدق :
كيف تراني قالبا مجني؟ قد قتل اللّه زيادا عنّي
فضمن « قتل » معنى « صرف » « الصرف » وذلك كثير في كلامهم.
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٢٦٨
[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٨٦ الى ١٨٧]