فينطق مرفوع وهو في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف أي فهو ينطق والفاء استئنافية وليست للسببية كما أنها ليست للعطف إذ العطف يقتضي الجزم، ورجح ابن هشام في المغني أن تكون الفاء للعطف وان المعتمد بالعطف الجملة لا الفعل وحده وانما يقدر النحويون كلمة هو ليبينوا أن الفعل ليس المعتمد بالعطف قال « و مثله فإنما يقول له كن فيكون » أي فهو يكون حينئذ وقوله :
الشعر صعب وطويل سلمه إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه
زلت به الى الحضيض قدمه يريد أن يعربه فيعجمه
أي فهو يعجمه ».
و نعود الى بيت جميل فنقول : أورده سيبويه في كتابه وقال ما نصه :« لم يجعل الأول سبب الآخر ولكنه جعله ينطق على كل حال
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٤٢٩
كأنه قال وهو مما ينطق كما يقال ائتني وأحدثك فجعل نفسه ممن يحدثه على كل حال وزعم يونس أنه سمع هذا البيت وانما كتبت ذلك لئلا يقول انسان فلعل الشاعر قال : إلا ا ه » وقال ابن النحاس :
« تقرير معناه انك سألته فيقبح النصب لأن المعنى يكون انك ان تسأله ينطق » وقال الأعلم : الشاهد فيه رفع ينطق على الاستئناف والقطع على معنى فهو ينطق وإيجاب ذلك ولو أمكنه النصب على الجواب لكان أحسن.
و قال الفراء : أي قد سألته فنطق ولو جعلته استفهاما وجعلت الفاء شرطا لنصبت كما قال آخر :
أ لم تسأل فتخبرك الديارا عن الحي المضلّل حيث سارا
و الجزم في هذا البيت جائز كما قال :
فقلت له صوب ولا تجهدنه فيدرك من أخرى القطاة فتزلق
فجعل الجواب بالفاء كالمنسوق على ما قبله.
هذا ولأهمية هذا البيت وعناية العلماء به نقول انه مطلع قصيدة لجميل بن معمر العذري صاحب بثينة المشهور وبعده وهو من جيد الشعر :
بمختلف الأرواح بين سويقة وأحدب كادت بعد عهدك تخلق
أضرت بها النكباء كل عشية ونفح الصبا والوابل المتعبق
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٤٣٠
وقفت بها حتى تجلت عمايتي ومل الوقوف الأرحبيّ الم