و قد أجاد في إعراب هذه الآية أبو البقاء العكبري ونصه :« في المستثنى منه ثلاثة أوجه أحدها هو من النهي والمعنى لا تقولن افعل غدا إلا أن يؤذن لك في القول والثاني هو من فاعل تقولن أي لا تقولن اني فاعل غدا حتى تقرن به قول إن شاء اللّه والثالث انه منقطع وموضع أن يشاء اللّه نصب على وجهين أحدهما على الاستثناء والتقدير لا تقولن ذلك في وقت إلا وقت أن يشاء اللّه أي يأذن فحذف الوقت وهو مراد والثاني هو حال والتقدير لا تقولن افعل غدا إلا قائلا إن شاء اللّه فحذف القول وهو كثير وجعل قوله أن يشاء في معنى إن شاء وهو مما حمل على المعنى وقيل : التقدير إلا بأن يشاء اللّه أي متلبسا بقول إن شاء اللّه » والخلاصة ان الغرض من هذا النهي عن هذا القول هو عدم اقترانه بقول المشيئة وهذا نهي تأديب حين قالت اليهود لقريش سلوا محمدا عن الروح وعن أصحاب الكهف وذي القرنين فسألوه فقال ائتوني غدا أخبركم ولم يستثن فأبطأ عليه الوحي حتى شق عليه وكذبته قريش، وسيأتي في باب الفوائد ذكر انقطاع الوحي.
(وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً) واذكر عطف على ما تقدم وربك مفعول به ولا بد من حذف مضاف أي مشيئة ربك وإذا ظرف متعلق باذكر أي إذا فرط منك نسيان وجملة نسيت في محل جر بإضافة الظرف إليها وجوابها محذوف دل عليه ما قبله أي فاذكر وقل عطف على اذكر وعسى من أفعال الرجاء واسمها مستتر تقديره هو وأن يهديني أن وما في حيزها هي الخبر وربي فاعل يهديني ولأقرب متعلق بيهديني ومن هذا متعلقان بأقرب ورشدا تمييز
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٥٦٤


الصفحة التالية
Icon