و انظر بعد ذلك الى أسمى مطلب يجنح اليه العقلاء :« تخلي سبيلي فأعبد ربي » وهذا بمثابة مثل ضربه النبي صلى اللّه عليه وسلم لكل انسان ليجود بماله في مشروعات الخير وليثق باللّه الرزاق المنفق المخلف، وليتحلى بشيم السخاء والعطاء، وما أجمل قول أبي فراس الحمداني وقد تضمن هذه المعاني السامية كلها كما صور الفتوة أجمل تصوير :
غيري يغيره الفعال الجافي ويحول عن شيم الكريم الوافي
إن الغنيّ هو الغنيّ بنفسه ولو انه عاري المناكب حاف
ما كل ما فوق البسيطة كافيا وإذا قنعت فكل شي ء كاف
و تعاف لي طمع الحريص فتوتي ومروءتي وقناعتي وعفافي
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٦٣٧
و مكارمي عدد النجوم ومنزلي مأوى الكرام ومنزل الأ
ضياف لا أرتضي ودا إذا هو لم يدم عند الجفاء وقلة الانصاف
الحديث الثاني في لقاء موسى والخضر :
ورد في صحيح مسلم :« عن أبي بن كعب قال : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : قام موسى عليه السلام خطيبا في بني إسرائيل فسئل : أي الناس أعلم؟ فقال : أنا أعلم، قال : فعتب اللّه عليه إذ لم يردّ العلم إليه فأوحى اللّه إليه أن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال موسى : أي رب كيف لي به؟ فقيل له :
احمل حوتا في مكتل فحيث تفقد الحوت فهو ثم فانطلق وانطلق معه فتاه وهو يوشع بن نون فحمل موسى عليه السلام حوتا في مكتل وانطلق هو وفتاه يمشيان حتى أتيا الصخرة فرأى رجلا مسجى عليه ثوب فسلم عليه موسى فقال له الخضر أنّى بأرضك السلام؟ قال أنا موسى، قال : موسى بني إسرائيل؟ قال : نعم، قال : إنك على علم من علم اللّه علمكه اللّه لا أعلمه وأنا على علم من علم اللّه علمنيه لا تعلمه »
.
و سيأتي في الآيات الآتية إيضاح أعمالها، هذا ولم يذكر يوشع ابن نون لأنه كان تابعا لموسى فأدرج في مطاوي الحديث عنه، أما أعمالهما فهي :
١- خرق السفينة.
٢- قتل الغلام.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٦٣٨
٣- إخراج كنز من جدار.


الصفحة التالية
Icon