ظنه أنه متى وهب له ولد يرثه. هذا وقد ذكر الجلال السيوطي الإشكال في كتاب شرح عقود الجمان وذكر مثل الجواب الذي أوردناه آنفا ثم قال :« و أجاب الشيخ بهاء الدين بأن المراد إرث النبوة والعلم وقد حصل في حياته ». قال النبي صلى اللّه عليه وسلم :« إنا معاشر الأنبياء لا نورث » ورواه البزاز بلفظ نحن معاشر إلخ وتمام الحديث :
« ما تركناه صدقة » ونصب معاشر على الاختصاص بفعل محذوف وجوبا تقديره أخص وما تركناه ما موصولة في محل رفع بالابتداء وتركنا صلته والعائد محذوف أي تركناه وصدقة خبر ما، والحكمة في أن الأنبياء لا يورثون انه وقد وقع في قلب الإنسان شهوة موت مورثه ليأخذ ماله فنزّه اللّه أنبياءه وأهاليهم عن ذلك ولئلا يظن بهم مبطل انهم يجمعون المال لورثتهم ولأنهم كالآباء لأمتهم فيكون مالهم لجميع الأمة وهو معنى الصدقة العامة وأما قوله تعالى « فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ » وقوله « و ورث سليمان » فالمراد الوراثة في العلم والنبوة وبهذا يندفع أن عدم الإرث مختص بنبينا صلى اللّه عليه وسلم، فإن قيل إن اللّه أخبر عن بعضهم بقوله :
« و اني خفت الموالي » إذ لا تخاف الموالي على النبوة أجيب بأنه خاف من الموالي الاختلاف من بعده الرجوع عن الحق فتمنى ولدا نبيا يقوم فيهم. بقي هنا شي ء لا بد من التنويه به وهو أن الأنبياء هل يرثون؟
قال صاحب التتمة : إن النبوة مانعة من الإرث وذكر البزاز الواعظ أنه روي : نحن معاشر الأنبياء لا نرث ولا نورث ويعارضه ما ذكر الماوردي في الاحكام السلطانية أنه صلى اللّه عليه وسلم ورث من أبيه أم أيمن الحبشية واسمها بركة وخمسة جمال وقطعة من غنم ومولاه شقران واسمه صالح وقد شهد بدرا وورث من أمه دارها ومن خديجة دارها.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٥٨
البلاغة :
في هذه الآيات فنون عديدة نوجز القول فيها :


الصفحة التالية
Icon