ح- أن يكون بدخول في على المنتزع منه أو مدخول ضميره كقوله تعالى « لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ » أي في جهنم وهي دار الخلد ولكنه انتزع منها دارا أخرى للمبالغة وقال المتنبي :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٦٤
تمضي المواكب والأبصار شاخصة منها الى الملك الميمون طائر
قد حرن في بشر في تاجه قمر في درعه أسد تدمى أظافره
فإن الأسد هو نفس الممدوح ولكنه انتزع منه أسدا آخر تهويلا لأمره ومبالغة في اتصافه بالشجاعة والصولة.
د- أن يكون بدخول بين كقول ابن النبيه :
يهتز بين وشاحيها قضيب نقا حمائم الحلي في أفنانه صدحت
ه- ومنها أن يكون بدون توسط شي ء كقول قتادة بن سلمة الحنفي :
فلئن بقيت لأرحلن بعزة تحوي الغنائم أو يموت كريم
عني بالكريم نفسه فكأنه انتزع من نفسه كريما مبالغة في كرمه ولذا لم يقل أو أموت، ولأبي تمام :
و لو تراهم وإيانا وموقفنا في موقف البين لاستهلالنا زجل
من حرقة أطلقتها فرقة أسرت قلبا ومن غزل في نحره عذل
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٦٥
و قد طوى الشوق في أحشائنا بقرا عينا طوتهن في أحشائها الكلل
و مراده بالبقر العين الذين أخبر عنهم أولا بقوله ولو تراهم فكأنه انتزع منهم موصوفين بهذه الصفة مبالغة فيها.
ز- ومنها أن ينتزع الإنسان من نفسه شخصا آخر مثله في الصفة التي سيق الكلام لها ثم يخاطبه كقول أبي الطيب :
لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
فكأنه انتزع من نفسه شخصا آخر مثله في فقد الخيل والمال ومنه قول الأعشى :
ودّع هريرة إن الركب مرتحل وهل تطيق وداعا أيها الرجل
و قال أبو نواس وأبدع متغزلا :
يا كثير النوح في الدمن لا عليها بل على السكن
سنة العشّاق واحدة فإذا أحببت فاستنن
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٦٦
و مراده الخطاب مع نفسه ولذلك قال بعده :
ظن بي من قد كلفت به فهو يجفوني على الظنن
بات لا يعنيه ما لقيت عين ممنوع من الوسن