أقل، وقيل : أكثر، وهذه الآية مزيلة للخلاف لأنها دلت صريحا على أن الحمل والوضع كانا متقاربين على الفور من غير مهلة وربما كان ذلك في يوم واحد أو أقل أخذا بما دلت عليه الآية. هذا ما ورد في المثل السائر لابن الأثير، وقد رد ابن أبي الحديد في الفلك الدائر على ذلك بما أوردناه في سورة النحل من أن التعقيب على حسب ما يصح إما عقلا وإما عادة الى أن يقول : وليست الفاء للفور الحقيقي الذي معناه حصول هذا بعد هذا بغير فصل ولا زمان كما توهمه هذا الرجل ألا ترى الى قوله تعالى :« لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ » فإن العذاب متراخ عن الافتراء فلا يدل قوله تعالى في قصة مريم على أن الحمل والمخاض كانا في يوم واحد.
قلت :
قلت : بحث ابن أبي الحديد متجه والذي قاله ابن الأثير لا يخلو من ضعف وقد اختلف المفسرون في مدة حملها فقال ابن عباس تسعة أشهر كما في سائر النساء وقال عطاء وأبو العالية والضحاك سبعة أشهر وقال ابن عباس أيضا في ساعة واحدة وقال آخر لثمانية أشهر وقال آخرون ستة أشهر وقال آخرون ثلاث ساعات ورجح الامام الرازي انه في ساعة وقال :« و يمكن الاستدلال له بوجهين » وذكر في الوجه الاول ما قاله ابن الأثير وذكر في الوجه الثاني :« ان اللّه تعالى قال في وصفه : ان مثل عيسى عند اللّه كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون فثبت أن عيسى عليه السلام لما قال اللّه له كن فكان وهذا مما
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٩٤
لا يتصور فيه مدة الحمل انما تعقل تلك المدة في حق من يتولد من النطفة »
.


الصفحة التالية
Icon