فغير مبتدأ لا خبر له بل لما أضيف اليه مرفوع يغني عن الخبر وذلك لأنه في معنى النفي والوصف بعده مجرور لفظا وهو في قوة المرفوع بالابتداء أي فحركة الرفع التي على غير هي التي يستحقها هذا الاسم بالاصالة لكنه لما كان مشغولا بحركة الجر لأجل الاضافة جعلت حركته التي كانت له بطريق الأصالة من حيث هو مبتدأ على بطريق العارية وعلى زمن في محل رفع نائب فاعل لمأسوف سد مسد الخبر وجملة ينقضي بالهم والحزن صفة لزمن وقد أورد بن هشام هذا البيت في مغني اللبيب وأورد وجهين آخرين تراهما بعيدين كل البعد وخاصة الثالث الذي اعترف ابن هشام بتصفه فليرجع إليهما.
فإن لم يقع الوصف بعد نفي أو استفهام فلا يجوز هذا الاستعمال فلا يقال مجتهد غلاماك بل تجب المطابقة نحو مجتهدان غلاماك وحينئذ يكون خبرا مقدما وما بعده مبتدأ مؤخرا وأجازه الكوفيون لأنهم لم يشترطوا اعتماد الصفة على النفي والاستفهام واستشهدوا بقوله :
خبير بنو لهب فلا تك ملغيا مقالة لهبي إذا الطير مرت
فأعربوا قوله بنو لهب فاعلا لخبير دون أن يعتمد على نفي أو استفهام واعتذر البصريون عن البيت بأن خبيرا على وزن فعيل وفعيل على وزن المصدر كصهيل وزئير والمصدر يخبر به عن المفرد أو المثنى
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ١١٤
و الجمع فأعطي حكم ما هو على زنته فهو على حد قوله تعالى « وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ »، وقد شايع أبو الطيب الكوفيين لأنه من الكوفة ولأن له كلفا بمراغمة النحاة كما أشرنا الى ذلك غير مرة فقال بيته الممتع :
دع النفس تأخذ وسعها قبل بينها فمفترق جاران دارهما العمر
فمفترق مبتدأ وجاران فاعل سد مسد الخبر ولا يجوز أن تقول إن مفترقا خبر مقدم لأنه كان يجب أن يطابق قوله جاران والحاصل :
انه إذا رفع الوصف ما بعده فله ثلاثة أحوال :
١- وجوب الابتداء إذا لم يطابق ما بعده في التثنية والجمع نحو أقائم أخواك.


الصفحة التالية
Icon