أما الجمع بين التهنئة والتعزية فهو غريب حقا وهو يحتاج الى الكثير من شفوف الطبع ورهافة الحس للاجادة فيه ومن أجمل ما سمعنا منه مثل قول المعزّي ليزيد بن معاوية عند ما جلس في دست الخلافة وأتت الوفود مهنئة معزية بأبيه فلما اجتمعوا لم يفتح على أحد بما فتح به لهم باب القول حتى تقدم هذا المتقدم ذكره فاستأذن في الكلام فلما أذن له قال : آجرك اللّه يا أمير المؤمنين على الرزية وبارك اللّه لك في العطية فلقد رزئت عظيما وأعطيت جسيما، رزئت خليفة اللّه، وأعطيت خلافة اللّه، فاصبر على ما رزئت، واشكر على ما أعطيت وأنشد :
اصبر يزيد فقد فارفت ذا ثقة واشكر حباء الذي بالملك أصفاكا
لا رزء أصبح في الأقوام تعلمه كما رزئت ولا عقبى كعقباكا
أصبحت راعي أمور الناس كلهم فأنت ترعاهم واللّه يرعاكا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ١٣٨
و في معاوية الباقي لنا خلف إذا نعيت ولا نسمع بمنعاكا
ففتح للناس باب القول : فقالوا وكان له فضل السبق.
و قال أبو نواس للعباس بن الفضل يعزيه بالرشيد ويهنئه بخلافة الأمين :
تعزّ أبا العباس عن خير هالك بأكرم حي كان أو هو كائن
حوادث أيام تدور صروفها لهنّ مساو مرة ومحاسن
و في الحيّ بالميت الذي غيّب الثرى فلا أنت مغبون ولا الموت غابن
٣- فن الالتفات :
في قوله تعالى :« وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها... الخ » التفات على أحد القولين وهو مفرع على إرادة العموم من الأول فيكون المخاطبون أولا هم المخاطبين ثانيا إلا أن الخطاب الاول بلفظ الغيبة والثاني بلفظ الحضور واما إذا بنينا على أن الأول إنما أريد منه خصوص على التقديرين جميعا فالثاني ليس التفاتا وإنما هو عدول عن خطاب خاص لقوم معينين الى خطاب العامة والقول في الورود على جهنم طويل يرجع فيه الى المطولات.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ١٣٩
الفوائد :
نقاش طويل حول أيهم :


الصفحة التالية
Icon