و قال البيضاوي :« إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا » إلا من تحلى بما يستعد به ويستأهل أن يشفع للعصاة من الايمان والعمل الصالح على ما وعد اللّه تعالى أو إلا من اتخذ من اللّه إذنا فيها كقوله تعالى :
« لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ » من قولهم عهد الأمير الى فلان بكذا إذا أمره به ومحل الرفع على البدل من الضمير أو النصب على تقدير مضاف أي إلا شفاعة من اتخذ » وهو شبيه بالرأي الذي جنحنا اليه إلا أنه جنح الى القول بأن الاستثناء منقطع. وعبارة أبي حيان :« و الضمير في لا يملكون عائد على الخلق الدال عليهم ذكر المتقين والمجرمين إذ هم قسماه والاستثناء متصل ومن بدل من ذلك الضمير أو نصب على الاستثناء ولا يملكون استئناف اخبار » ثم أورد أقوالا عديدة نضرب عنها صفحا.
و قال أبو البقاء « لا يملكون حال إلا من اتخذ في موضع نصب على الاستثناء المنقطع وقيل هو متصل على أن يكون الضمير في يملكون للمتقين والمجرمين وقيل هو في موضع رفع بدلا من الضمير في يملكون ».
و في الكرخي شارح الجلالين « قوله أي الناس قدره تمهيدا لجعل الاستثناء في قوله إلا من اتخذ منصلا لدلالة ذكر الفريقين المتقين والمجرمين إذ هما قسماه وقيل ضمير يملكون عائد على المجرمين المراد بهم الكفار، قال بعضهم لا يملكون أن يشفعوا لغيرهم كما يملك المؤمنون » وحسبنا ما تقدم فقد طال مجال القول.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ١٦٠
٢- عودة الى بيت الفرزدق :
و نعود الى بيت الفرزدق وهو من أبيات له يعتذر عما وقع منه في السفر مع دليله عاصم العنبري حين ضل عن الطريق والأبيات هي :
فلما تصافنا الأداوة أجهشت الى غضون العنبري الجراضم
فجاء بجلمود له مثل رأسه ليشرب ماء القوم بين الصرائم
على حالة لو أن في القوم حاتما على جوده لضنّ بالماء حاتم


الصفحة التالية
Icon