فأولها التفسير بعد الإبهام وهذا النوع يؤتى به لتفخيم أمر المبهم وإعظامه لأنه يطرق السمع بعد أن كان متعلقا بشي ء مبهم فتترنح الجوارح، ويذهب بلب السامع كل مذهب وعلى هذا النحو جاء قوله تعالى « قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى، وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى » فابهم الكلام وأتى به مجملا ليتعلق الذهن، ويتطلع ما عسى أن يكون السؤال؟ وما هي المنة الأخرى؟ وما عسى أن يردفها من منن وآلاء؟
انه يتشوف للمعرفة، ويحاول اكتناه الحقيقة فيأتي قوله بعد ذلك مفسرا ما أبهم، فيقول « إذ أوحينا الى أمك ما يوحى أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم » فإن قلت ما هي المنة الأولى؟ وما هي المنة الثانية؟
و هل بعد ذلك من منن؟ قلت ان مجموع المنن التي امتن اللّه بها على نبيه موسى ثماني منن :
آ- قوله إذ أوحينا إلى قوله « و عدو له ».
ب- قوله :« و ألقيت عليك محبة مني » إلخ..
ج- قوله :« و لتصنع على عيني » الى قوله « من يكفله ».
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ١٩٣
د- قوله :« فرجعناك الى أمك » الى قوله « و لا تحزن ».
ه- قوله :« و قتلت نفسا فنجيناك من الغم ».
و- قوله :« و فتناك فتونا ».
ز- قوله :« فلبثت في أهل مدين » الى قوله « يا موسى ».
ح- قوله :« و اصنعتك لنفسي ».
٢- الإبهام :
أما الإبهام المجرد فقوله « ما يوحى » وهو كثير شائع في القرآن الكريم ومثله في الشعر قول دريد بن الصمة في رثاء أخيه :
صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه فلما علاه قال للباطل : ابعد
و سيرد منه المزيد المطرب.
٣- المجاز العقلي :
المجاز العقلي : في قوله تعالى « فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ » أسند الإلقاء الى اليم وهو لا يعقل ولكنه يمثل مشيئة اللّه وإرادته التي لا تخطئ ولا يعزب عنها شي ء، أسند اليه الإفضاء المقرر في عالم الغيب ودنيا المشيئة كأنه ذو تمييز يطيع الأمر ويمتثل رسمه.
٤- التنكير :


الصفحة التالية
Icon