و المعنى إذا كنت تلقى هذا الأسد وهو أقوى الحيوانات وأشجعها بسوطك فلمن خبأت صارمك المصقول؟
و لأصحاب البلاغة أيضا طريق في علو المدح بتعظيم جيش عدو الممدوح ليلزم من ذلك تعظيم جيش الممدوح وقد قهره واستولى عليه وقد رمق سماءه أبو الطيب إذ وصف جيش الروم الذي لاقاه سيف الدولة فبالغ في تعظيم أمره وتصوير عدده البالغة والغاية هي أن يتناهى في تعظيم أمر سيف الدولة وجيشه فقال في وصف جيش الروم :
أتوك يجرون الحديد كأنهم سروا بجياد ما لهن قوائم
إذا برقوا لم تعرف البيض منهم ثيابهم من مثلها والعمائم
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٢١٨
جعل الروم يبرقون لكثرة ما عليهم من الحديد ولم يفرق بين سيوفهم وبينهم لأن على رءوسهم البيض والمغافر وثيابهم الدروع فهم كالسيوف وأشار بهذا الوصف الى كثرة سلاح هذا الجيش تمهيدا للاشارة الى قوته :
خميس بشرق الأرض والغرب زحفه وفي أذن الجوزاء منه زمازم
تجمع فيه كل لسن وأمة فما تفهم الحداث إلا التراجم
فلله وقت ذوب الغشّ ناره فلم يبق إلا صارم أو ضبارم
و ستأتي تتمة هذا الوصف البديع في موطن آخر من مواطن البلاغة التي رمق أبو الطيب سماء القرآن فيها.
نكتة أخرى في الإبهام :
و هناك نكتة أخرى سوى قصد التعظيم والتحقير وهي أن موسى عليه السلام أول ما علم أن العصا آية من اللّه تعالى عند ما سأله :
و ما تلك بيمينك يا موسى ثم أظهر له تعالى آيتها فلما دخل وقت الحاجة الى ظهور الآية منها قال تعالى : وألق ما في يمينك ليتيقظ بهذه الصيغة للوقت الذي قال اللّه تعالى له « وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ » وقد أظهر له آيتها فيكون ذلك تنبيها له وتأنيسا حيث خوطب بما عهد أن يخاطب به وقت
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٢١٩
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٢١٩
ظهور آيتها وذلك مقام يناسب التأنيس والتثبيت في موقف يزايل الوقار أشد النفوس قوة ورباطة.
٤- فن التكرير :


الصفحة التالية
Icon