فقال المتنبي إن صحّ أن الذي استدرك على امرئ القيس هذا هو أعلم بالشعر منه فقد أخطأ امرؤ القيس واخطأت انا، ومولاي يعلم أن الثوب لا يعلمه البزاز كما يعلمه الحائك لأن البزاز يعرف جملته والحائك يعرف تفاصيله، وانما قرن امرؤ القيس النساء بلذة الركوب للصيد، وقرن السماحة بسباء الخمر للأضياف بالشجاعة في منازلة الأعداء، وكذلك لما ذكرت الموت في صدر البيت الأول أتبعته بذكر الردى في آخره ليكون أحسن تلاؤما، ولما كان وجه المنهزم الجريح عبوسا وعينه باكية قلت « و وجهك وضاح وثغرك باسم » لأجمع بين الأضداد.
على أن في هذه الآية سرا لذلك زائدا على ما ذكر وهو أنه قصد تناسب الفواصل ولو قرن الظمأ بالجوع لانتثر سلك رؤوس الآي وأحسن به منتظما.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٢٦٢
الفوائد :
أسماء الأصوات :
وعدناك ببحث أسماء الأصوات ونرى أن نتوسع فيها قليلا لأن كتب النحو قلّما تهتم لها. فهي تجري مجرى أسماء الافعال لأنها متواخية معها وهي مبنية وتنقسم الى قسمين :
آ- ما خوطب به مالا يعقل مما يشبه اسم الفعل في الاكتفاء به، ولكن اسم الفعل مركب واسم الصوت مفرد لعدم تحمله الضمير كقولهم في دعاء الإبل لتشرب : جى ء جى ء بكسر الجيم فيهما مكررين مهموزين، وفي المحكم انهما أمر للابل بورود الماء يقال جأجأت الإبل إذا دعوتها لتشرب فقلت جى ء جى ء نقله الجوهري عن الاموي، وكقولهم في دعاء الضأن حاحا وفي دعاء المعز عاعا غير مهموزين والفعل منهما حاحيت وعاعيت، قال سيبويه وأبدلوا الألف من الياء لشبهها بها لأن قولك حاحيت انما هو صوت بنيت منه فعلا وليست فاعلت وكقولهم في زجر البغل :
عدس ما لعباد عليك إمارة أمنت وهذا تحملين طليق
فعدس صوت يزجر به البغل وقد يسمى البغل به والتقدير على التسمية به يا عدس فحذف حرف النداء. وإمارة بكسر الهمزة أي حكم.


الصفحة التالية
Icon