٢- الإيجاز بالحذف : وذلك في حذف مفعول يذكر في قوله تعالى :
« أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ » والذكر يكون بالخير والشر فإذا دلت الحال على أحدهما أطلق ولم يقيد كقولك للرجل : سمعت فلانا يذكرك فإن كان الذاكر صديقا فهو ثناء وإن كان عدوا فذم ومن جهة ثانية لم يقولوا : أهذا الذي يذكر آلهتكم بكل سوء لأنهم استفظعوا حكاية ما يقوله النبي من القدح في آلهتهم رميا بأنها لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر ورئبوا بها عن نقل ذمها تفصيلا وتصريحا فنقلوه إجمالا وتلميحا، بل أومئوا اليه بالاشارة المذكورة كما يتحاشى المؤمن من حكاية كلمة الكفر وان كان قائلها غير كافر فيومى ء إليها بلفظ يفهم المقصود بطريق التعريض فسبحان من أضلهم حتى تأدبوا مع الأوثان، وأساءوا الأدب على الرحمن.
٣- الاستعارة المكنية في قوله « خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ » فقد شبه العجل الذي طبع عليه الشخص وصار له كالجبلة بأصل مادته وهي الطين ثم حذف المشبه به ورمز اليه بشي ء من لوازمه وهو قوله « خلق » وقيل لا استعارة فيه وانما هو من باب القلب والأصل خلق العجل من
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٣١٣
الإنسان لشدة صدوره عنه وملازمته له والقلب موجود كثيرا في كلامهم وقد تقدمت الإشارة اليه والأول أولى وأقعد بالبلاغة ومن بدع التفاسير ما قالوه من أن العجل هو الطين بلغة حمير وقال شاعرهم :
النبع في الصخرة الصماء منبته والنخل ينبت بين الماء والعجل