هذا وهنا تنبيه هام نبه عليه الشيخ أبو حيان وهو أن هذه التاء الدالة على المرة الواحدة لا تدخل على كل مصدر بل على المصادر الصادرة عن الجوارح المدركة بالحس نحو قومة وضربة وقعدة وأكلة، وأما مصادر الأفعال الباطنة والخصال الجليلة الثابتة نحو الظرف والحسن والجبن والعلم فلا يقال من ذلك علمته علمة ولا فهمته فهمة ولا صبرته صبرة.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٣٢٤
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٤٨ الى ٥٥]
وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٤٩) وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٠) وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ (٥١) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ (٥٢)
قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ (٥٣) قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٥٤) قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ (٥٥)
اللغة :
(التَّماثِيلُ) : جمع تمثال بكسر التاء أي الصورة المصورة أو ما تصنعه وتصوره مشبها بخلق اللّه من ذوات الروح والصورة وهذا الوزن فيه زائدان أحدهما قبل الفاء والآخر قبل اللام وقد جاء اسما وصفة. فالاسم تمثال للصورة ويجمع على تماثيل وقالوا تجفاف وتبيان فالتجفاف واحد تجافيف الفرس وهو ما يلبس عند الحرب والزينة وتبيان بمعنى البيان فمنهم من يجعله مصدرا من قبيل الشاذ لأن المصادر إنما تجي ء على تفعال بالفتح نحو التلعاب والتهدار ولم يجي ء بالكسر إلا تبيان وتلقاء، وسيبويه يجعلهما من الأسماء التي وضعت
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٣٢٥


الصفحة التالية
Icon