في هذه الآيات فوائد كثيرة نورد أهمها فيما يلي :
١- حروف القسم :
أصل حروف القسم الباء والواو مبدلة منها وانما قلنا ذلك لأنها حرف الجر الذي يضاف به فعل الحلف الى المحلوف وذلك الفعل أحلف أو أقسم أو نحوهما ولكنه لما كان الفعل غير متعد وصلوه بالباء المعدية فصار أحلف باللّه أو أقسم باللّه، قال اللّه تعالى :« وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ » وقال الشاعر :
أقسم باللّه وآلائه والمرء عما قال مسئول
و قال زهير بن أبي سلمى :
فأقست بالبيت الذي طاف حوله رجال بنوه من قريش وجرهم
و انما خص الباء بذلك دون غيرها من حروف الجر لأمور :
آ- انه يجوز ذكر فعل القسم معها كما رأيت في الشواهد المتقدمة ولا يجوز ذلك في الواو والتاء فلا تقول أقسم واللّه ولا أقسم تاللّه.
ب- جواز دخولها على الضمير دون غيرها من الحروف تقول :
بك لأفعلن ولا تقول تك ولا وك، ومعروف أن الضمير يرد الشي ء الى أصله.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٣٣٢
ج- استعمالها في القسم الاستعطافي وذلك أن القسم جملة انشائية يقصد بها تأكيد جملة أخرى فإن كانت هذه الجملة الاخرى انشائية أيضا فذلك هو القسم الاستعطافي نحو باللّه هل قام زيد أي أسألك باللّه مستحلفا. ومن القسم الاستعطافي بالباء قول المجنون :
بربك هل ضممت إليك ليلى قبيل الصبح أو قبلت فاها
د- اختصاص الباء دون الواو والتاء بمجيئها لغير القسم وهو ظاهر.
و لما كثر استعمال ذلك في الحلف آثروا التخفيف فحذفوا