قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) لا بد من تقدير جمل محذوفة أي فأزمعوا أمرهم على حرقه فجمعوا الحطب الكثير وأضرموا النار وأوثقوا ابراهيم وجعلوه
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٣٣٦
في منجنيق ورموه في النار، وقلنا فعل وفاعل ويا حرف نداء ونار منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب وكوني فعل أمر ناقص والياء اسمها وبردا خبرها وسلاما عطف على بردا وعلى ابراهيم صفة سلاما. (وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) الواو حرف عطف وأرادوا فعل ماض وفاعل وبه متعلقان بأرادوا وكيدا مفعول به، فجعلناهم الفاء حرف عطف وجعلناهم عطف على أرادوا والأخسرين مفعول به ثان.
البلاغة :
١- تجاهل العارف : في قوله :« أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ » فن طريف من فنونهم يسمى تجاهل العارف وهو سؤال المتكلم عما يعلمه حقيقة تجاهلا منه ليخرج الكلام مخرج المدح أو الذم أو ليدل على شدة الوله في الحب أو لقصد التعجب أو التوبيخ أو التقرير وهو على قسمين موجب ومنفي والآية التي نحن بصددها من التجاهل الموجب الجاري مجرى التقرير.
٢- التعريض : في قوله « فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ » فن التعريض، وقد تقدمت الاشارة اليه أكثر من مرة، أراد عليه الصلاة والسلام أن يبين لهم أن من لا يتكلم ولا يعلم ليس بمستحق للعبادة ولا يصح في العقل أن يطلق عليه أنه إله، فأخرج الكلام مخرج التعريض لهم بما يوقعهم في الاعتراف بأن الجمادات التي عبدوها ليست بآلهة لانهم إذا قالوا لا ينطقون قال لهم : فكيف تعبدون من يعجز عن النطق ويقصر عن أن يعلم بما يقع عنده في المكان الذي هو فيه، فهذا الكلام من فرض الباطل مع الخصم حتى تلزمه الحجة ويعترف بالحق فإن ذلك أقطع لشبهته وأدفع لمكابرته.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٣٣٧
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٧١ الى ٧٥]


الصفحة التالية
Icon