و قد تلطف أيوب في السؤال وألمح الى ما يعانيه من بلاء دون أن يصرح بمطلوبه حيث اكتفى بذكر المس في الضر وأدخل أل الجنسية على الضر لتشمل أنواعه المتقدمة ووصف ربه بغاية الرحمة بعد ما ذكر نفسه بما يوجبها فكان درسا بليغا لكل من تتعاوره الأرزاء وتنتابه اللأواء ويحكى أن عجوزا تعرضت لسليمان بن عبد الملك فقالت يا أمير المؤمنين مشت جرذان بيتي على العصي فقال لها : ألطفت في السؤال لا جرم لأردنّها تثب وثب الفهود وملأ بيتها حبا. وقد تعلق أبو الطيب المتنبي بأذيال هذه البلاغة عند ما خاطب كافورا بما كان يرجوه منه وهو أن يعطيه ولاية وإن كان قصده المواربة :
أرى لي بقربي منك عينا قريرة وإن كان قربا بالبعاد يشاب
و هل نافعي أن ترفع الحجب بيننا ودون الذي أملت منك حجاب
أقلّ سلامي حبّ ما خف عنكم وأسكت كيما لا يكون جواب
و في النفس حاجات وفيك فطانة سكوتي بيان عندها وخطاب
و في البيت الثالث نكتة نحوية وهي انتصاب حبّ وذلك انه نصبه
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٣٥٥
على أنه مفعول له وهو مصدر كأنه يقول الحب ما خف أي لإيثاري التخفيف وقد تلطف حبيب بن أوس أبو تمام وأجمل أغراضه كلها في بيت واحد وهو قوله :
و إذا الجود كان عوني على المر ء تقاضيته بترك التقاضي
أما أبو بكر الخوارزمي فقال راسما خظة الطلب :
و إذا طلبت الى كريم حاجة فلقاؤه يكفيك والتسليم
فإذا رآك مسلما عرف الذي حملته فكأنه ملزوم
و سبقهم جميعا أمية بن أبي الصلت بقوله المشهور :
أ أذكر حاجتي أم قد كفاني حياؤك إن شيمتك الحياء
إذا أثنى عليك المرء يوما كفاه من تعرضه الثناء
٤- ذو الكفل :
هذا لقبه والكفل هو النصيب واسمه بشير وقيل الياس وقيل زكريا كأنه سمي بذلك لأنه المجدور وذو النصيب الأوفى من الحظ، وقيل ذو الكفل اسمه وقد كان له اسمان ولم يكن لقبا.
٥- ذو النون :


الصفحة التالية
Icon