إذا تقرر أن المذهب الكلامي هو احتجاج المتكلم على ما يريد إثباته بحجة تقطع المعاند له على طريقة أرباب الكلام أو استنتاج النتائج الصحيحة من المقدمات الصادقة كما سيأتي في سورة الحج فإن الآية التي نحن بصددها يترتب عليها ان هؤلاء الأصنام والأوثان ليسوا بآلهة فلو كانوا آلهة فهم حصب جهنم كما تقدم ان ملزوم قوله تعالى « لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا » هو ما تقديره لكنهما ما فسدتا فليس فيهما آلهة إلا اللّه ومن النوع الثاني تقدم الكلام في سورة الأعراف على قوله تعالى :
« وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ » فوجه استنتاج النتيجة في هذه الجملة من المقدمتين أن يقال إن الكفار لا يدخلون الجنة أبدا حتى يلج الجمل في خرم الابرة، والجمل لا يدخل في خرم الابرة أبدا فهم لا يدخلون الجنة أبدا لأن تعليق الشرط على مستحيل يلزم منه استحالة وقوع المشروط.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٣٦٥
و من المذهب الكلامي قوله صلى اللّه عليه وسلم :« لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا » وتمام الدليل أن يقال : لكنكم ضحكتم كثيرا وبكيتم قليلا فلم تعلموا ما أعلم، ومثله قوله مالك بن المرجل الأندلسي :
لو يكون الحب وصلا كله لم تكن غايته إلا الملل
أو يكون الحب هجرا كله لم تكن غايته إلا الأجل
إنما الوصل كمثل الماء لا يستطاب الماء إلا بالغلل
فالبيتان الأولان قياس شرطي والثالث قياس فقهي فإنه قاس الوصل على الماء فكما أن الماء لا يستطاب إلا بعد العطش فالوصل مثله لا يستطاب إلا بعد حرارة الهجر، وأما الأقيسة الحملية فقد استنبطوها على صور
لست أعرفه وإنما هو لفظ أنت معناه
و كم ذكرت مسمّى لا اكتراث به حتى يجر الى ذكراك ذكراه
أتيه فيك على العشاق كلهم قد عز من أنت، يا مولاي، مولاه
كادت عيونهم بالبغض تنطق لي حتى كأن عيون الناس أفواه


الصفحة التالية
Icon