على أنه قد يكون عذبا كما فعل علي بن زريق البغدادي في قوله :
استودع اللّه في بغداد لي قمرا بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه
فقد أخذ الأزرار من قول عبد اللّه بن المعتز :
يا حسن أحمد إذ بدا متشمرا في قرطق يسعى بكأس عقاره
و الغصن في أثوابه والدر في فمه وجيد الظبي في أزراره
و لقد عابوا على عمارة اليمني بيته يمدح الخليفة المصري الفاطمي عند قدومه عليه من اليمن وهو :
فهل درى البيت أني بعد فرقته ماسرت من حرم إلا الى حرم
لأنه مأخوذ بلفظه من شعر أبي تمام مادحا :
يا من رأى حرما يسري الى حرم طوبى لمستلم يأتي وملتزم
و هنا يحار الناقد في كثرة وقوع الشعراء الكبار بهذه المزالق، قال ابن الأثير :« و مما كنت أستحسنه من شعر أبي نواس قوله من قصيدته التي أولها :
دع عنك لومي فإن اللوم إغراء وداوني بالتي كانت هي الداء
دارت على فتية ذل الزمان لهم فما يصيبهم إلا بما شاءوا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٣٨١
و هذا من عالي الشعر ثم وفقت في كتاب الأغاني لأبي الفرج على هذا البيت في أصوات معبد وهو :
لهفي على فتية ذل الزمان لهم فما أصابهم إلا بما شاءوا
و ما أعلم كيف هذا »
.
أما توليد المعاني فهو مستحسن على إطلاقه كقول أبي الطيب المتنبي :
همام إذا ما فارق الغمد سيفه وعاينته لم تدر أيهما النصل
أخذه من قول أبي تمام :
يمدون بالبيض القواطع أيديا فهن سواء والسيوف القواطع
و قال المتنبي أيضا :
و ما هي إلا لحظة بعد لحظة إذا نزلت في قلبه رحل العقل
أخذه من قول أبي نواس في وصف الخمرة :
إذا ما أتت دون اللهاة من الفتى دعا همه من صدره برحيل
و جميل أخذ المتنبي من أبي تمام قوله :
و من الخير بطء سيبك عني أسرع السحب في المسير الجهام
و بيت أبي تمام :
هو الصنع إن تعجل فخير وإن ترث فللريث في بعض المواضع أنفع
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٣٨٢
و بيت المتنبي أجمل وأرشق وفيه زيادة ضرب المثل :
و ولد أحد الشعراء المولدين بيتا فارسيا فقال :


الصفحة التالية
Icon