الواو عاطفة وترى فعل مضارع معطوف على ترونها وإنما جمع في الأول وأفرد في الثاني لأن الرؤية الأولى علقت بالزلزلة أو الساعة وكل الناس يرونها أما الثانية فهي متعلقة بكون الناس سكارى فلا بد من جعل كل أحد رائيا للباقي بقطع النظر عن اتصافه بالسكر وفاعل ترى مستتر تقديره أنت والناس مفعول به وسكارى حال والواو للحال وما نافية حجازية وهم اسمها والباء حرف جر زائد وسكارى مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر ما والجملة في محل نصب على الحال من الناس، ويجوز في سكارى ضم السين وفتحها فهما لغتان وبهما قرى ء، ولكن الواو عاطفة على محذوف مخالفة لما بعد لكن وهذا حكم مطرد لها والتقدير كما في البحر لأبي حيان :« فهذه الأحوال وهي الذهول والوضع ورؤية الناس شبه السكارى هينة لينة ولكن عذاب اللّه شديد أي ليس لينا وسهلا فما بعد لكن مخالف لما قبلها » وسيأتي مزيد بحث لهذه الآية في باب البلاغة. (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة لذكر من غفل عن الجزاء في ذلك وكذب به والمناسبة بينها وبين ما تقدم من ذكر أهوال الساعة وزلزلتها واضحة ومن الناس خبر مقدم ومن نكرة موصوفة حتما وهي مبتدأ مؤخر أي ناس موصوفة بالجدل واللجاج والسفسطة والمكابرة لا تنفع فيهم
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٣٨٨
العظات ولا تؤثر فيهم الدلائل وجملة يجادل في اللّه صفة لمن وأفرد الضمير مراعاة للفظ من ولو جمع مراعاة لمعناها لجاز وفي اللّه متعلقان بيجادل على حذف مضاف أي قدرته وصفاته ودينه وبغير علم حال من الضمير الفاعل في يجادل أي جاهلا متخبطا في متاهات الضلالة العمياء والجهالة النكراء (وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) ويتبع عطف على يجادل وكل مفعول به وشيطان مضاف اليه ومريد