و قوله فقال هذا واجب وقوله فكان كذا يريد أنهما ماضيان وفسر الكلام بأن تسمع ليريك أنه لا يتصل بالاستفهام لضعف حكم الاستفهام فيه » وقال بعض شراح الكتاب :« فتصبح لا يمكن نصبه لأن الكلام واجب ألا ترى أن المعنى أن اللّه أنزل الماء فالأرض هذه حالها » وقال الفراء « و انما عبر بالمضارع لأن فيه تصويرا للهيئة التي الأرض عليها والحالة التي لابست الأرض والماضي يفيد انقطاع الشي ء وهذا كقول جحدر
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٤٧٣
ابن معونة العكلي يصف حاله مع أشد نازلة في قصة جرت له مع الحجاج بن يوسف :
يسمو بناظرتين تحسب فيهما لما أجالهما شعاع سراج
لما نزلت بحصن أزبر مهضر للقرن أرواح العدا مجاج
فأكر أحمل وهو يقعي باسته فاذا يعود فراجع أدراجي
و علمت اني إن أبيت نزاله أني من الحجاج لست بناج
فقوله : فأكر تصوير للحالة التي لابسها.
و قال ابن هشام في المغني :« و قيل الفاء في هذه الآية للسببية وفاء السببية لا تستلزم التعقيب بدليل صحة قولك إن يسلم فهو يدخل الجنة ومعلوم ما بينهما من المهلة »
.
بحث ممتع للرازي :
و للامام الرازي بحث جيد هنا يمكن تلخيصه بما يلي :
« ذكر هنا من آثار قدرته ستة أشياء :
١- إنزال الماء الناشئ عنه اخضرار الأرض وفسر الرؤية بالعلم دون الابصار لأن الماء وان كان مرئيا إلا أن كون اللّه منزلا له من السماء غير مرئي وقال فتصبح الأرض دون أصبحت لإفادته بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان.
٢- قوله :« له ما في السموات وما في الأرض »
ومن جملته خلق المطر والنبات نفعا للحيوان مع أن اللّه لا يحتاج لذلك ولا ينتفع به.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٤٧٤
٣- تسخير ما في الأرض أي ذلل لكم ما فيها كالحجر والحديد والنار لما يراد منها والحيوان للأكل والركوب والحمل عليه والنظر اليه.
٤- تسخير الفلك بالماء والرياح فلولا أن اللّه سخرها لكانت تغوص أو تقف.


الصفحة التالية
Icon